Advertise here

مصير لبنان الاقتصادي ينتظر التزامه "ثلاثية" التفاوض: إصلاح، مشاريع، ثم تمويل

19 أيار 2020 05:20:00 - آخر تحديث: 19 أيار 2020 09:19:18

مع اكتمال الفريق اللبناني للتفاوض مع خبراء صندوق النقد الدولي بعد انضمام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إليه، هل يمكن القول إن الأمور أخذت مسارها الطبيعي، وأن لبنان لم يخرج بخفيّ حنين من هذه المفاوضات، شرط التزامه بالإصلاحات التي تعهّد بها قبل سنتين أثناء انعقاد مؤتمر "سيدر" لدعم لبنان، وتخصيص مبلغ 11 مليار دولار لدعم الاقتصاد اللبناني وفق رزمة ٍمن الإصلاحات لم يُنفَّذ منها شيئاً؟ وهل جرى توحيد الورقة اللبنانية، وأزيل التباين بين سلامة والحكومة بشأن الأولويات التي تطالب بها الحكومة اللبنانية؟ 

أسئلة كثيرة لا تزال بلا أجوبة واضحة، وهي ترسم مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والذي بنتيجته ترتبط كل آمال اللبنانيين بالخروج من أتون الهلاك المعيشي الاقتصادي. وتبدو الأمور، للأسف، تدور في الحلقة ذاتها، خصوصاً وأن غياب حاكم مصرف لبنان عن المفاوضات في مراحلها الأولى جعل لبنان موضع شك فريق الخبراء الدوليين، والذين كرّروا في الاجتماع الثاني على مدى ساعة ونصف على مسامع الفريق اللبناني شروط اقتران الخطط بعمل تنفيذي حقيقي.

مصادر الوفد اللبناني أوضحت عبر "الأنباء" أن النقاشات التي جرت إلكترونياً تركزت بمعظمها حول حسابات مصرف لبنان، وأن حاكم "المركزي" شرح لخبراء الصندوق رؤيته لبرنامج الإصلاح النقدي من دون الدخول في التفاصيل الرقمية لهذا البرنامج، لأن خبراء الصندوق ما زالوا في إطار جمع المعلومات من دون تحديد الأرقام. كما جرى الاتفاق بين الطرفين على عقد اجتماعات دورية بينهما، بمعدل اجتماعين كل أسبوع، أو ثلاثة اجتماعات عند الضرورة.

من جهة ثانية، توقفت مصادر حكومية عبر "الأنباء" عند الاجتماع الثاني الذي عُقد في السراي الحكومي بدعوةٍ من رئيس الحكومة لسفراء الدول المشاركة في مؤتمر "سيدر" بحضور الوزراء المختصّين، مشيرةً إلى أن هناك رابطاً بين المحادثات مع وفد الصندوق وما تقترحه الحكومة لجهة مؤتمر "سيدر"، وحملة "اليوروبوند". لكنها ذكرت أنه سيكون من الصعوبة التوصل إلى مفاوضات مع الدائنين قبل أن يتضح المسار الذي تسلكه المفاوضات مع صندوق النقد.

وفيما أبدى السفير الفرنسي برونو فوشيه استعداد فرنسا لدعم لبنان، كان لافتاً ما قاله السفير السابق، بيار دوكان، في المداخلة التي أجراها عن بُعد خلال الاجتماع، بأن مؤتمر "سيدر" ما زال ملائماً للبنان، لكنه في المقابل بدا حريصاً على وضع جداول زمنية تتعلق بالإصلاحات التي تعهّد بها لبنان، مشدداً على ثلاثية مشاريع وإصلاحات وتمويل، وإلّا تُرك لبنان لمصيره.

ولفتت المصادر إلى أن أولى شروط العمل الإصلاحي تقتضي بتخطي إشكالية تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والتي يعارضها التيار الوطني الحر، بذريعة أنها تحد من صلاحيات وزير الطاقة، بينما هي ضرورة ملحة لمراقبة عمل الوزارة، وللشفافية في إبرام العقود التي تتم بالتراضي من دون أن يكون للحكومة أية رقابة عليها.

في سياق المواقف ممّا يتم التحضير له على صعيد التفاوض مع صندوق النقد، أو من خلال المحاولات اليائسة للحكومة للاستفادة من مقرّرات "سيدر"، استبعد النائب نقولا نحّاس في حديثٍ مع "الأنباء" حصول لبنان على أية مساعدات، لا من صندوق النقد ولا من "سيدر"، لأن الذهنية لم تتغيّر من العام 2018 حتى اليوم. فالدول المانحة تطالب لبنان بالإصلاحات وتلحّ عليها، والجانب اللبناني يصمّ أذنيه عن هذه المطالب، لذلك من غير المتوقع الحصول على مساعدات مالية بسبب استمرار فريق الحكم بهذه الذهنية.

وأضاف نحّاس: "لقد مللنا من هذه الأسطوانة، وليس هناك من جديد في كل ما يحصل يمكن أن يُبنى عليه في كل هذا الحراك الجاري لتأمين المساعدات، وهذه الضجة الإعلامية الدائرة حولها"، قائلاً: "وطالما أننا نسمع ولا ننفّذ لا يمكننا أن نتوقع أية مساعدة لأن الثقة مفقودة".

إلى ذلك بقي الشأن الصحي متقدماً في الاهتمامات. وبعد الإقفال الذي استمر 4 أيام تبدو صورة اللبنانيين وكأنهم عائدون من معركة، وقد بات فيروس كورونا يلاحق كل لبناني. وعلى الرغم من عودة الحياة شبه الطبيعية إلى البلد، فما زال القلق سيّد الموقف بعد الإعلان عن اكتشاف العديد من الإصابات المختبئة في الغرف المكتظة التي تضم مجموعاتٍ من العمال الأجانب، ما يعني أن عودة الحياة إلى طبيعتها دونها الكثير من المطبات.

مصادر صحية دعت في اتصالٍ مع "الأنباء" إلى الانتباه من وجود ظواهر مماثلة في المدن والبلدات، وبين العمال الأجانب الذين يعملون في قطاعات مختلفة كورش البناء، والزراعة، وسواها. وطالبت المصادر باتّخاذ أعلى درجات المراقبة لهؤلاء، وتشجيعهم على إجراء الفحوص، مناشدةً الأجهزة الأمنية والبلديات الاستمرار بوتيرة التشدّد تداركاً لتسجيل المزيد من الإصابات، والإبلاغ عنها فور حصولها.