Advertise here

حكومة مباركة!

01 شباط 2019 14:54:00 - آخر تحديث: 01 شباط 2019 16:49:36

سامح الله من فكّر، وإبتكر "كتلة اللقاء التشاوري" فجمع الأقضية الخمسة في خمسة نواب، وصار منهم وزير، وهذا ليس حسداً، ولا ضيقة عين، فلبنان الذي يشكل بمساحته وعدد سكانه "مقاطعة" في بلاد كبرى، يساوي بعدد نوابه (128) وعدد وزرائه الثلاثين بلاداً ودولة عُظمى في عالم الغرب والشرق، بل يتقدم عليها.

وسامح الله من فكّر وقرر أن يكون لرئيس الجمهورية ثلاثة وزراء بصفة رئيس دولة، مع أنه رئيس الجمهورية والبلاد والشعب.

ثم ان دول العالم العظمى والكبرى بعدد السكان، والمساحة، والدور، والنفوذ، والقوة، يراوح عدد وزرائها بين الرقم 15 والرقم 20.

والمفاجأة في الحكومة الجديدة أنها اتت بوزارات مبتكرة أضيفت إلى وزارت أخرى حذفت من جداول حكومات العصر الحديث، ومنها على سبيل المثال:

وزارة السياحة: هي في الدول الحديثة، والكبرى، دائرة موسعة بكادراتها، ووظائفها، وإختصاصاتها التي تشمل كل قطاعات السياحة، الطبيعية والثقافية، والفنية التي تستدرج عشرات ملايين السياح من أقطار العالم، على أختلاف هوياتهم، وهواياتهم، وجنسياتهم، وثقافتهم، وتقاليدهم.

وزارة الإعلام: هذه الوزارة إختفت وحذفت من جداول جميع حكومات الدول المتقدمة والمتدرجة في التقدم والتمدن والتقاليد المدنية والديموقراطية.

وزارة دولة لشؤون مجلس النواب: هذه الوزارة تطرح التساؤل: كيف يكون النائب ممثلاً للأمة والشعب، وراعياً لشؤون الناس ويكون له ولزملائه الـ 127 وزير يرعى شؤونه؟.

وزير الإتصالات: في الزمن القديم كانت وزارة البرق، والبريد والهاتف، وكان الوزير اللبناني الذي يتولى هذه الوزارة يُحسب من الوزراء أصحاب الحظوظ في "المردود" الشعبي العام. بل كان تركيب الخط الهاتفي لمنزل أو مكتب بند أساسي في "المنفعة العامة" للوزير والنائب. كانت القرى تبايع المرشح للنيابة مقابل "سنترال" للبلدة.

اليوم أصبح الهاتف وخطوطه سلعة قديمة بالية.

وهنا يولد سؤال، أليست "وزارة الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات" أهم من وزارة الإعلام، ومن وزارة الإتصالات؟...

وزارة البيئة: هذه وزارة لا تنفصل عن وزارة الصحة في ابسط الأسباب والتفاصيل، إلى أعلاها وأدناها. ولبنان في هذا الزمن الموروث من الماضي الدائم مبتلى بكل أشكال وأفعال المقالع والكسارات وتلوّث الأنهر والينابيع والحشرات والادوية والمبيدات الي تدخل في دم اللبنانيين، وفي شرايين حياتهم اليومية.

من هنا لا يمكن الفصل بين وزارة الصحة العامة ووزارة البيئة... وهذه الوزارة الموحدة والمنفصلة، هي إحدى أهم الوزارات التي تعنى بحياة اللبنانيين، فلبنان، بكيانه الطبيعي المتنوع هو جنة في محيطه...

وزارة المهجرين: هي عنوان لذكرى وطنية دائمة ومؤلمة، فهي ولدت في العام 1956 من القرن الماضي عندما ضرب زلزال في شتاء ذلك العام مناطق واسعة من لبنان كانت أصعبها، وأشدها خسارة في الأرواح والممتلكات في منطقة الشوف وإقليم الخروب، والقطاع الممتد بين صيدا وجزين.

وقد تشتت مئات العائلات من بلداتها وقراها، وان على الدولة أن تنشئ مؤسسة لايواء المهجرين، ومنذ ذلك التاريخ لم تكتمل مهمة تلك المؤسسة التي تحولت وزارة بعد كارثة ما سمي "حرب 1958 وما بعدها".

وزارة شؤون التجارة الخارجية: هي وزارة لم تكن في الخاطر ولا في البال... لكنه كان لا بد منها لحل أزمة "اللقاء التشاوري": الذي تألف من ستة وزراء جدد، ومن أجلهم إبتكر العهد "وزارة شؤون التجارة الخارجية" على قاعدة "كل أربعة نواب" تحق لهم وزارة. وعلى هذه القاعدة المبتكرة التي دخلت في صلب هيكل الحكومات اللبنانية وجدت أزمة الحكومة الحل بعد تسعة أشهر إستنفد خلالها صبر اللبنانيين، وتعثرت حياتهم، وإستنفذت بقايا إمكاناتهم ليسمع الوزراء القدامى والجدد "حكومة مباركة"،  وهي مباركة بمشاركة اربع سيدات من خيرة المجتمع اللبناني: مي شدياق، ندى بستاني، فيوليت الصفدي وريا الحسن.