Advertise here

الكورونا يقضي على ما بقي من اقتصاد... النكبة المعيشية قادمة

19 آذار 2020 05:25:00 - آخر تحديث: 19 آذار 2020 09:40:20

بعد أن أُسدلت الستارة على المسرحية الفضيحة في ملف العميل الإسرائيلي عامر فاخوري، وتهريبه إلى خارج البلاد بالطريقة نفسها التي اعتُمدت في المحكمة العسكرية بإخلاء سبيله، ووقف التعقبات بحقه، والتعامي الرسمي التام عن هذه القضية التي تشكّل وصمة عار بحق الذين شاركوا فيها. وبعد دخول قرار إقفال المطار والمعابر البرية والبحرية والجوية حيّز التنفيذ اعتباراً من منتصف ليل أمس، ازداد قلق اللبنانيين على صحتهم بسبب عجز التدابير الوقائية حتى الساعة في وقف ارتفاع عدد الاصابات. وهو الأمر الذي يحصل بشكل مخيف كذلك في أوروبا والدول الشرق أوسطية، وما يعني أن لبنان لن يسلم من تجرّع تلك الكأس المرة انطلاقاً من التحذيرات التي أطلقها وزير الصحة حمد حسن بأن لبنان أمام خطرٍ حقيقي في الأسبوعين المقبلين، متوقعاً ارتفاع عدد المصابين بكورونا إلى درجةٍ قد لا تتمكن معها المستشفيات الحكومية والخاصة من استيعابها إذا ما ذهبت الأمور إلى الأسوأ، أو اذا تخلّف اللبنانيون عن مبدأ الوقاية الذاتية، والحجر المنزلي الذي يُعتمد منذ بداية هذا الأسبوع. 

في هذا السياق، أكّدت مصادر وزارة الصحة في اتصالٍ مع "الأنباء" ضرورة التقيّد بالوقاية الذاتية، والالتزام بالمنازل لأنه السبيل الوحيد حالياً لمنع انتقال العدوى وانتشار المرض في المناطق التي لم ينتشر فيها بعد.

وفي آخر حصيلة للإصابات التي سُجّلت حتى ظهر أمس، فقد بلغت 133 حالة بزيادة 13 إصابة عن يوم أمس الأول، وذلك بعد المعلومات شبه المؤكدة التي حصلت عليها "الأنباء" عن النقص في أجهزة التنفس الاصطناعي التي لا يتوفر منها غير 250 جهازا، وهذا العدد غير كافٍ إذا استمرت الإصابات في الارتفاع.

وفي التقارير الصادرة عن المستشفيات الحكومية هناك 8 حالات إيجابية، من دون أن تكشف المستشفيات الخاصة ما عندها من أرقام، في وقتٍ أكّدت فيه إدارة مستشفى الروم عن استعدادها ابتداءً من اليوم لاستقبالها 35 حالة.

وفي المقابل، نقلت مصادر وزارة الصحة عن الوزير حسن نفيه وجود إصابات في المستشفيات الخاصة وفي المناطق لم يُعلن عنها. وقالت إن المريضة التي توفيت أمس على باب مستشفى رفيق الحريري الجامعي لم تتأكد إصابتها بفيروس كورونا، وهي كانت تشكو من داء السكري، والتضخّم في عضلة القلب، وقد أُجرَيت لها الإسعافات اللازمة من قٍبل المستشفى، لكنها ما لبثت أن فارقت الحياة.

وبحسب مصادر الوزارة، ما زال الوزير حسن يعوّل على التزام اللبنانيين بالوقاية والحجر الذي أثبت فعاليته بشكل ملحوظ، لكنه في الوقت نفسه يتخوّف من سرعة انتشار الوباء بعد عودة اللبنانيين من الدول الموبوءة، وبالأخص من دول المجموعة الاوروبية، وإيران، ومصر، وسوريا التي ينتشر فيها الوباء بسرعة، وعندها يصبح الانتقال إلى الخطة "ب" أمراً ضرورياً.

ويبقى السؤال عمّا إذا كان لبنان قادراً على منع هذا السيناريو الأسود من تاريخه في ظل وجود عشرات الألوف من اللبنانيين الذين أصبحوا عاطلين عن العمل، إما بسبب تفشي الكورونا، أو بسبب الأزمة الاقتصادية والنقدية التي بدأت تأكل مدخراتهم، وودائعهم في المصارف. ومهما أعلنت الحكومة من تطمينات فإن الإعلان عن انتقال مجلس الوزراء إلى إقرار مشروع وزير المال، غازي وزني، حول "الكابيتال كونترول" يزيد من خوف الناس على ودائعهم.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مالية عبر "الأنباء" أن لا مجال للحكومة في ظل الأزمة القائمة إلّا اعتماد "الكابيتال كونترول" للخروج من المأزق النقدي الذي تعاني منه الدولة في السنوات الثلاث الأخيرة.

المصادر رأت أن لبنان منكوبٌ بفيروس كورونا اقتصادياً وماليا بسبب عدم اهتمام الدولة بالصناعة والقطاعات المنتجة، إضافةً إلى الهدر الحاصل في قطاع الكهرباء وحده، والذي يكلّف الخزينة مليارات الدولارات سنوياً، وذلك من دون الكشف عن خطة إصلاح لهذا القطاع، في حين انخفضت الحركة التجارية في الأشهر الأخيرة إلى صفر في المئة، ما أدّى إلى إقفال مئات المؤسّسات التجارية، وصرف آلاف العمّال.

وعليه فإن الانكماش الاقتصادي العالمي بفعل كورونا، إلى الأزمة الخانقة أصلاً في لبنان، ومع ما يؤدي الوضع الصحي القائم من تراجعٍ جديد، تصبح الحياة في لبنان من المستحيلات التي سيصعب على العدد الساحق من المواطنين القدرة على احتمالها. فهل تدرك الحكومة مخاطر كل ذلك؟!