Advertise here

أسطورتي

17 آذار 2020 11:42:34

أسميتُك أسطورتي التي عبَرتْ مسالك الزمن. لم يستطع قلمي أن يملأ ثغرات الحروف، في حين أنّ كل ما يجول في الفكر تجاوز حدود الكتابة. 

غبتَ، لكنك بقيت حياً أكثر من الأحياء فينا. خلُدتَ، وفي كل ذكرى يتجدّد اللقاء بفكرك، وتتوحّد سبع أجيالٍ تخليداً لأسطورتك. وحتى السموات اجتمعت بما فيها من قلوب وأفكار كل تقدميٍ اشتراكي أحياه فكرك النادر. 

وترى في كل ذكرى تهتز أمواج الذكريات، ويعصف بحر العزيمة والقوة كعاصفةِ موجٍ تؤجّج طاقة فكرَك في كل إنسان حي. هي الذكرى التي في حقيقتها دحرجت جميع الشكوك في فكرٍ نظيفٍ، وشريفٍ، عظيمٍ، نادر التواجد بين حضور البشر، في فكري كالأسطورة. 

يا أسطورة الفكر التقدمي التي منك انبثقت النهضة العلمية، والإنسانية، والفكرية، وتجرّأت حرية التعبير، وقوة العزيمة، وكيان الوجود، وللمرة الأولى، أن تفرض على الحياة السلام العامر، ويا صوت الحق في ديارٍ عامَ بها ظلام التعتيم والسيطرة. تركتَ الكثير بعد غيابك يجدّد ذكراك. وأخبرك بأن ما زرعتَه في شبابنا بدأ ينبت. 

ها هم أبناء الثورة توحّدوا بصوتٍ واحد ليحضنوا الوطن الذي حلُمت به، وحالُ وطننا دقيق، وجميع أوجه العنف والفساد تحاول إخماد ثورتهم. ولكن اطمئن، إنني أشعر بأن تلك المحاولات ستنجح يوماً ما، وسأعود لأشكركَ على ما قدّمته للإنسانية. يا أسطورتي أخالوا أنهم اغتالوا فكرك الحي؟ أيا تُرى لو تجدّد التاريخ سيقدِمون على نفس الإجرام؟ إجرامهم صدى شراستهم، وهم عدِموا الإنسانية لأنهم علموا بأنه حتى بخطواتك الأخيرة تنتصر، وفي حدود الموت تنتصر. وما بين الموت، ودار الحق ستنتصر، حتى أصبحتَ في حياة البشر من أسمى الانتصارات... لكَ منّا، يا فكرَ الشرقِ الجميل وعدٌ أقسمَ "ستبقى فينا وتنتصر".