Advertise here

"التيار" يسعى لحصار بري... والعين على تعيينات المركزي

14 آذار 2020 11:51:33

لا يتغير التيار الوطني الحر ولا تتغير آلية عمله في السياسة. ولأن الطبع يغلب التطبع. غلبت السمة السياسية كل صفات التكنوقراط التي أراد التيار إسباغها على حكومة حسان دياب، وها هو لا يفوت فرصة إلا ويمارس فيها هوايته الدائمة، سرقة إنجاز الآخرين ونسبها لنفسه. 

إنها حكاية طويلة ترافق هذا التيار، منذ سنوات، وكلما تتقدم كتلة نيابية بإقتراح قانون، أو تقدم وزير بمشروع قانون، يعمل التيار الوطني الحرّ على تعطيله وعرقلته ومن ثم يعودون إلى طرحه ذاته بأنفسهم بعد أن ينسبوه لأنفسهم. هذا ما فعله هذا التيار في قانون الإنتخاب، وقوانين مالية، وقوانين مكافحة الفساد والمحاسبة العمومية وغيرها.
 

قبل أيام، أعدّ وزير المال غازي وزني خطة مالية وإقتصادية، ضمّنها إقتراحات للتعلق في تنظيم آلية عمل المصارف مع المودعين ومع الدولة اللبنانية، وتشمل الخطة مختلف جوانب الوضع المالي، وكان يفترض ان يتم طرحها على جدول أعمال آخر جلسة لمجلس الوزراء، إلا أنها لم تطرح، بينما عكف الوزراء المحسوبون على التيار إلى تقديم إقتراحات منها بشكل متقطع ومتتابع لينسبوها لأنفسهم، وأيضاً استخدموا نقاطاً وبنوداً منها وعرضوها على المدعي العام المالي وجمعية المصارف لتطبيقها بدون الإعتراف بدور وزير المال.
 
استهداف وزير المال ينبع من خلفيتين أساسيتين، حسابات مالية من بوابة سعي التيار الدائم إلى السيطرة على القطاع المالي والعسكري في البلد ليمكن نفوذه ويثبته، ومن بوابة تطويق وزير المال والفريق السياسي الذي يسعى إليه، في إطار المعركة المفتوحة التي لا يتوانى رئيس الجمهورية ميشال عون عن الحديث عنها امام زواره والمقربين منه، إذ يؤكد دوماً بأنه بعد إخراج سعد الحريري من السلطة وتحميله مسؤولية الفساد، وفي ظل المحاولات المستمرة لتطويق وليد جنبلاط لا بد من استهداف نبيه بري. 

تطويق وزير المال يندرج في هذه الخانة، ويريد العهد استكماله من خلال معركة تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، إذ أنه يرفض رئيس الجمهورية وتياره الموافقة على اقتراح بري، بينما يسعون إلى تطويق حاكم مصرف لبنان بتعيين نائبين سني ومسيحي تابعين لهما، والمعركة لن تقف عند هذا الحد، بل ستشمل أيضاً تعيين رئيس لجنة الرقابة على المصارف ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان.

طوال السنوات الثلاث الفائتة، بذل التيار الوطني الحرّ أقصى جهوده لأجل التغلغل في الوزرات والإدارات، وقد نجح إلى حدّ بعيد. الآن جل اهتماماته تتركز على التغلغل في مصرف لبنان، ومنه السيطرة أكثر على الكازينو وشركة طيران الشرق الأوسط، وغيرها من المرافق. وكما هو الحال بالنسبة إلى ردّ التشكيلات القضائية وعدم التوقيع عليها من قبل وزيرة العدل بسبب رفض رئيس الجمهورية لها، يظهر أن التيار لا يزال يتصرف بنفس العقلية التي تسبق ثورة 17 تشرين، وهذه الممارسات على ما يبدو أنها ستستمر في المرحلة المقبلة في مختلف المحطات والإستحقاقات، وعلى رأسها ملف الكهرباء.

يتناسى التيار الوطني الحرّ أن هناك أزمة كبرى يعيشها لبنان وستضرب بنيته وتركيبته برمتها، وهو بأمس الحاجة إلى خطة إقتصادية سريعة وإنقاذية لا بد من تضافر الجهود لإنجازها، لكنه على ما يبدو لا يأبه بانهيار البلاد، فكما استثمر دوماً بالتعطيل والعرقلة والتعنت لتحقيق ما يريده، ها هو يعيد الكرّة ذاتها، غير آبه بالمقامرة بمصير البلد.