Advertise here

نصرالله يعود إلى موقف جنبلاط: نعم لصندوق النقد "بشروط لبنانية مقبولة"

14 آذار 2020 06:07:00 - آخر تحديث: 14 آذار 2020 10:05:26

صحيحٌ أن الأيام القليلة الماضية خطف فيها الكورونا، ولا يزال، قلقَ وانتباه اللبنانيين بفعل الخطر الداهم الذي يشكّله على حياتهم، إلّا أن التداعيات المعيشية، والأزمة المالية الاقتصادية، لا تزال تتحكّم بكل مفاصل حياتهم تاركة انعكاسات مدمرة على القدرة الشرائية.

وفيما كانت أصوات المزايدات بعناوين شعبوية تعلو طوال الفترة السابقة بوجه المطالبين باللجوء إلى المؤسّسات الدولية لمدّ لبنان وحكومته بالمساعدة المطلوبة في السياق المالي، يُسجّل لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحده نداءاته المتكررة بعدم إقفال الباب أمام مساعدة "بشروط مقبولة" من صندوق النقد الدولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والبدء بالإصلاح من بوابة الكهرباء. وعلمت "الأنباء" أن جنبلاط، ومن باب الحرص على فتح كوة في جدار المأزق المالي من جهة، وتبديد قلق حزب الله حيال صندوق النقد من جهة ثانية، قد كرّر في سياق الاتصالات المتبادلة مع الحزب ضرورة وضع الحكومة لخطة واضحة تقدّمها إلى صندوق النقد، وتطلب على أساسها مساعدته وفق آليةٍ واضحة محكومة بشروط يقبل بها لبنان بمختلف مكوناته الشعبية والسياسية، وهو ما عاد وألمحَ إليه جنبلاط من باب الحث بتغريدةٍ سابقة غمز فيها من باب طلب إيران لمساعدة صندوق النقد.  

وبعد هذا الموقف العقلاني من جنبلاط، خرج أمين عام حزب الله حسن نصرالله أمس ليؤكّد، بعد طول تردد، عدم ممانعته، وأعلن قبوله التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

في غضون ذلك، هدأت العاصفة الطبيعية التي ضربت رياحها العاتية مختلف المناطق اللبنانية وتركت أضراراً جسيمة، فيما عاصفة كورونا ما زالت تحصد المزيد من الإصابات. وفي الوقت الذي دخلت فيه بعض الدول مرحلة العد العكسي بعد تمكّنها من محاصرة فيروس كورونا، والحد من انتشاره بشكلٍ أفضل كالصين مثلاً، ما زالت الإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية في بداياتها.

وبعد ارتفاع عدد المصابين إلى أكثر من 80 حالة، يبقى التردّد سيّد الموقف، إذ لم تعلن الحكومة حتى الساعة حالة طوارئ صحية، ولا حالة طوارئ مدنية، في حين أعلن نواب جبيل كسروان حالة طوارئ في منطقتهم، واعتبار مدن وبلدات القضاءين مقفلة حتى إشعارٍ آخر، وخاصة جونية، وجبيل، وعمشيت. 

وفي سياقٍ متصل، ناشد عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب زياد حواط، الحكومة عبر "الأنباء" إعلان حالة طوارئ، ليس في قضاءي كسروان وجبيل فقط بل على مستوى كل لبنان، لأن كل المؤشرات تشير إلى تفشّي هذا الفيروس بقوة، لدرجة قد لا تتمكّن معها وزارة الصحة، والطواقم الطبية التابعة لها من السيطرة عليه.

وكان قد طالب رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، الحكومة باتّخاذ كل التدابير الآيلة لمنع انتشار "كورونا"، ولو اقتضى ذلك إقفال البلد، ومنع الدخول إليه والخروج منه، لأن هذا الوباء إذا انتشر بشكلٍ كثيف فإن الناس قد تموت قبل وصولها إلى المستشفيات. 

كما أن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي دخل على خط الأزمة، وطلب من اللبنانيين توخي جانب الحذر، والاعتماد على الوقاية الذاتية حفاظاً على سلامة الناس. 

وفيما جنبلاط استنفر كل هيئات حزبه ومؤسّساته للوقاية، ويكرّر مواقفه الثابتة حيال ضرورة إعلان الطوارئ، وتسخير كل الطاقات والإمكانيات لوزارة الصحة، كان كلام نصرالله بدوره واضحاً في تشديده على أن مواجهة الكورونا بمثابة حرب تخوضها البشرية.

مصادر مواكبة لاجتماع مجلس الوزراء المصغّر الذي انعقد في السراي الحكومي بحضور رئيس الحكومة حسان دياب، والوزراء المختصّين، أفادت عبر "الأنباء" أن هذا اللقاء كان مخصصاً لمواكبة تطوّر فيروس كورونا والإطلاع على تنفيذ الإجراءات التي اتّخذها مجلس الوزراء يوم الخميس، وبالأخص لجهة الالتزام بإقفال المطاعم والمقاهي والملاهي، وجميع المؤسّسات السياحية، كما توقّف الاجتماع عند، "الجمود الظاهر في حركة الأسواق، وخلو الشوارع من المارة، ومن زحمة السير التي كانت تشهدها شوارع العاصمة في الأيام العادية"، فرأت في ذلك، "دليلاً على التقيّد بالإجراءات المتخذة للمحافظة على السلامة العامة".

لكن المصادر أشارت إلى أن لا قرار حتى الآن بإعلان الحكومة حالة طوارئ عامة في البلاد، وربطت ذلك بأنه "في حال تفشي الوباء أكثر وارتفاع حالات المصابين"، فعندها "لن تتردد الحكومة بإعلانها، وإلزام المواطنين منازلهم"، وهو الأمر المستهجن حيث يفترض أن تسبق حال الطوارئ حصول الكارثة لكي تتفاداها، وهو ما لم تقتنع الحكومة به بعد.

إلى ذلك أوضحت مصادر الاجتماع الوزاري أن المستشفيات الحكومية التي يتم تجهيزها في المناطق ستكون جاهزة لاستقبال المرضى والمصابين بعد عشرة أيام، أو أسبوعين على أبعد تقدير.

وعن إجراءات الحكومة إثر إعلان منظمة الصحة العالمية أوروبا مركزاً للوباء، قالت المصادر عينها إن الحكومة ما زالت تدرس هذا الموضوع لاتخاذ الإجراءات المناسبة، ومنها وقف الرحلات إلى أوروبا.

من جهتها، أعربت مصادر وزارة الصحة عن الخشية من ارتفاع عدد المصابين ليصل إلى مئة حالة في اليومين المقبلين، وبناءً عليه يمكن أن تُعلن الحكومة حالة طوارئ صحية أو مدنية.

وعلمت "الأنباء" أن الإجراءات قد تتخذ لإغلاق كل المعابر البرية مع سوريا بغضون الـ48 ساعة المقبلة، وذلك بهدف ضبط هذه المعابر، وعدم تسلّل المواطنين السوريين إلى لبنان.

بدورها مصادر نقابة المستشفيات الخاصة لفتت في اتصال مع "الأنباء" إلى جهوزية المستشفيات في لبنان للمساعدة في معالجة المصابين بفيروس كورونا، وأن قسماً منها قام بتخصيص أجنحة خاصة للحجر الصحي. لكن هذه المستشفيات ليست بغالبيتها مجهّزة لاستقبال هذه الحالات، لأن لديها نقصاً في المستلزمات الطبية، وقد بادرت بشرائها، ووزارة الصحة على علمٍ بتلك الإجراءات والتنسيق قائمٌ معها في هذا المجال، كما أن الوزارة تقوم بتجهيز المستشفيات الحكومية التي أعلنت عنها.