Advertise here

التخبط سمة الحكم في مقاربة الأزمة المالية... وعويدات يرجئ حرب ابراهيم والمصارف

06 آذار 2020 05:20:00 - آخر تحديث: 06 آذار 2020 08:40:39

في مؤشر إضافي على التخبط الحاصل على المستوى الرسمي في مقاربة ومعالجة الأزمة المالية المستفحلة، وانعكاس ذلك على مجمل الأداء العام؛ أتى قرار المدعي العام المالي، القاضي علي ابراهيم، بتجميد أصول أصحاب ورؤساء مجالس إدارات 20 مصرفاً لبنانياً، وما يملكونه من عقارات، ليقع وقعاً صاعقاً على القطاع المصرفي برمّته، ويضع كل النظام المالي اللبناني في معرض الانهيار، وذلك قبل أن يصدر مدعي عام التمييز، القاضي غسان عويدات، قراراً بتجميد القرار المتّخذ من قِبل القاضي ابراهيم ومفاعيله إلى حين التوسّع في درسه، وذلك بعد ورود معلومات من جهاتٍ دولية عن تأثير القرار على التعاملات الخارجية مع لبنان، وعلى سائر وضعه النقدي.

وفيما وصفت جهات قانونية قرار ابراهيم بـ،"السابقة التي تحصل للمرة الأولى في تاريخ لبنان، لأنه منذ قيام الجمهورية لم يُتّخذ قرار بهذا الحجم بحق المصارف، حتى في عزّ أزمة بنك إنترا في منتصف الستينيات"، رأت فيه مصادر مصرفية أنه ينمّ عن، "حالة كيدية سياسية كبيرة تقف خلفه ضد أصحاب المصارف لحرف الأنظار عن الفساد، وهدر الأموال، وتهريبها إلى الخارج، والإمعان في قضم الدولة وإعلان إفلاسها بعد تشويه صورة المصارف اللبنانية، وأخذ البلد رهينة كما هو الحال في الصومال، واليمن، وليبيا، والأرجنتين، واليونان، والموزمبيق".

وفي شرحٍ لمضامين قرار ابراهيم، رأى الخبير بول مرقص في حديثٍ للـ"الأنباء" أنه "بنتيجة الأجوبة التي تقدّم بها المسؤولون المصرفيون، والمعلومات التي توفّرت بعد الاستماع إلى إفاداتهم، اتّخذ القاضي ابرهيم تدبيراً احتياطياً لعدم التصرّف بالأموال المنقولة وغير المنقولة التي تمتلكها المصارف ورؤساء مجالس الإدارة لديها، بما فيها الأسهم والسيارات، وهو لا يمسّ مباشرةً بالودائع؛ إلّا أن الضرر الأكبر سيقع على المصارف، حيث ستتأثر العلاقة بينها والأسواق المالية، ومع المصارف الدولية بشكلٍ خاص، والتي ستكون أكثر حذراً في التعامل معها".

وفيما اتّخذ قرار ابراهيم أبعاداً سياسية، أكّد عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب ياسين جابر، في حديثٍ مع "الأنباء" أن لا علاقة لرئيس مجلس النواب، نبيه بري، "لا من قريبٍ ولا من بعيد" بقرار القاضي علي ابراهيم، وأن، "بري معروفٌ عنه عدم تدخّله في شؤون القضاء". لكن جابر برّر بأن القاضي ابراهيم بإعلانه أن لا أحد فوق رأسه خيمة، "كان يريد أن يبعث برسالةٍ واضحةٍ لأصحاب المصارف بضرورة توخّي الانتباه في هكذا ظروف وضرورة التعاطي مع المودعين بطريقة أفضل من تلك التي تعتمدها هذه المصارف". وعن التهمة المساقة ضد المصارف التي أملت على القاضي ابراهيم اتخاذ هذا القرار، أكّد جابر أنه لم يطّلع على حيثيات القرار، مستدركاً أن الوقت ليس لإلقاء التهم على بعضنا البعض، داعياً لتكاتف الجميع لأن لبنان يمر بمرحلة تعثّر مالي، والمودعون لا يستطيعون سحب أموالهم، ما يستدعي تفهماً من حاملي السندات حتى تكون الظروف أفضل مما هي عليه.

مصدرٌ نيابي في كتلة المستقبل رأى في المقابل في حديث مع "الأنباء" أن قرار القاضي ابراهيم بحق المصارف، "غير قانوني، وليس مقبولاً من كافة النواحي، لأن القرارات العشوائية غير مستوفية الشروط لمعالجة الأزمات الكبيرة المشابهة لأزمة لبنان"، واصفاً ما يجري الإعداد له من اقتراحات للخروج من الأزمة، بـ"حفلة هستيريا الهدف منها تشويه سمعة لبنان، والقضاء على مظلة النظام المالي الحر".
وأكّد المصدر، "مقاطعة الدول الغربية للبنان في حال تمنّعت الحكومة عن دفع ما يتوجب عليها من مستحقات اليوروبوند"، سائلاً: "كيف يمكن لهذه الحكومة أن تعلن قبل ساعات أنها لا تستطيع أن تدفع مستحقاتها؟ ومَن يتحمل المسؤولية، وما هي علاقة المصارف بعمل الحكومة؟ وأين هي الخطة التي وضعتها لإنقاذ الوضع النقدي المتفاقم منذ 5 أشهر؟ ومن أجاز للقضاء التدخل بعمل المصارف؟"

وكان أثار قرار القاضي ابراهيم الكثير من التعليقات، حيث غرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر "تويتر" قائلاً: "المنطق السائد يقول بالتفاوض وفق شروطنا مع المؤسّسات الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي، ووضع خطةٍ إصلاحية شاملة ابتداءً من الكهرباء، وغيرها من القطاعات. جواب علي إبراهيم هو بداية خطة لتأميم المصارف وغير المصارف في بلدٍ فيه ازدواجية سلطات. يبدو أن المطلوب دفن لبنان الكبير في مناسبة المئوية".

من جهته، اعتبر الرئيس سعد الحريري أن قرار إبراهيم، "رسالة سياسية شعبوية غير محسوبة النتائج، لا على مستوى حقوق المودعين صغاراً وكباراً، ولا على مستوى ثقة الأصدقاء والأشقاء بلبنان"، معتبراً أن وضع اليد على المصارف بالطريقة التي جرى الإعلان عنها، "انقلابٌ على النظام الاقتصادي، وخطوة تعيد لبنان إلى زمن الأنظمة الشمولية".

على صعيد آخر لا يقل أهمية، ورغم السيطرة نسبياً على انتشار فيروس كورونا، إلا أن الحالات لا تزال إلى ارتفاع. فبعد تسجيل حالة قادمة من مصر الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة العامة أمس عن تسجيل إصابةٍ جديدة مثبتةٍ بفيروس كورونا المستجد COVID-19، لسيدةٍ لبنانية قادمة من بريطانيا، ليصبح العدد الإجمالي للمصابين ستة عشر مصاباً. 

هذا، وأصدر وزير الصحة العامة، الدكتور حمد حسن، مذكرةً تتعلق بتفادي السفر، والحشود قدر الإمكان للحد من تفشي وباء الكورونا.

توازياً، علمت "الأنباء" أن قرارَ تمديد عطلة المدارس من عدمه سيتم اتخاذه خلال اليومين المقبلين، وذلك بناء على آخر المعطيات حول انتشار الفيروس، ومدى الحد من انتشاره.