Advertise here

الدولار على مشارف الـ3000... ولبنان بين فاجعة انسانية وفقدان ثقة العالم

05 آذار 2020 10:05:00 - آخر تحديث: 05 آذار 2020 17:23:36

العجز وحده سيّد الساحة. يصيب الدولة وأركانها بحالة شلل، لا قرار بعد بشأن دفع استحقاق اليوروبوند. مع كل يوم يمرّ تسوء الحالة أكثر، وتتفجر في مجالات مختلفة، ها هو الدولار يقفز للمرة الأولى منذ ثمانينيات القرن الفائت إلى ما فوق الألفين وخمسمائة ليرة. أصبح على مشارف الثلاثة آلاف، ولا أحد من أركان الحكم قد رفّ له جفن. الجميع يؤجل المشكلة، يستثمر بالوقت، الذي أصبح قاتلاً للبلاد والعباد، بدون قدرة أي من الجهات او المرجعيات على اتخاذ قرار يوقف النزيف، أو على الأقل يضع لبنان على السّكة.

القرار متروك إلى الربع الساعة الأخير. إلى صباح السبت قبل يومين من الموعد المفترض لسداد الدين. المهلة المتبقية غير كافية للدخول في مفاوضات مع الدائنين لإعادة جدولة الدين. هناك إجماع سياسي على تأجيل الدفع، في مقابل إجماع مصرفي على دفع هذا الإستحقاق والبحث في إعادة جدولة إستحقاقي نيسان وحزيران.

بحال دفع لبنان إستحقاق الإثنين المقبل، فإن الدولار سيفتقد من السوق، وسيرفع الدعم عن الكثير من المواد الأساسية كالطحين والمحروقات والدواء، ما سيؤدي إلى فاجعة إنسانية، كما أن سعر صرف الدولار سيتخطى الثلاثة آلاف ليرة. أما بحال عدم الدفع، وعدم الإتفاق على صيغة لإعادة الجدولة، فإن ذلك سيؤدي إلى إجراءات قاسية ضد الدولة اللبنانية وأصولها في الخارج، أولاً ستفتقد الثقة بها، ولن يكون بإمكانها الحصول على أي مساعدة من أي جهة، ثانياً قد يتم تجميد أو حجز الكثير من أملاكها الخارجية، الأمر الذي سينعكس سلباً بشكل معنوي على الوضع المالي والإقتصادي، وسيؤدي إلى المزيد من الإرتفاع في سعر الدولار مقابل الإنحدار أكثر نحو إنهيار سعر صرف الليرة.

وسط هذه العواصف من الأزمات، والتي لا يبدو المسؤولون أنهم في وارد التعاطي معها بجدية، لا يزال النزق المصلحي يتغلب سواء في التنافس على التشكيلات القضائية، أو في تسجيل النقاط في إطار الإصرار على التعامي عن الواقع المعاش، والذي انفجر في 17 تشرين، بينما هناك من يصر على أن لا يتعلم من التجربة، وينظر إلى موقعه وكأنه تخطى تلك الثورة الشعبية التي بدأت تباشير تجددها تلوح بالأفق، من خلال التحركات التي شهدتها العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية ومختلف المناطق الأخرى، فيما أرسل المتظاهرون رسائلهم التحذيرية من خلال قطع بعض الطرقات في مناطق عديدة للتذكير بأن التحركات قابلة للعودة في أي لحظة، وقابلة للتفجر بارتفاع سعر الدولار، والتناتش على المواقع والمناصب وأزمة كورونا وغيرها من الأزمات، التحركات إذا ما انفجرت مجدداً لن يكون من السهل إخمادها، ولن تكون في الإطار السلمي فقط كما كانت أيام 17 تشرين، لأن الجوع يفتك بالشعب، والشعب إذا ما جاع سيأكل حكامه.