Advertise here

صفقة القرن وتداعياتها...

01 شباط 2020 06:00:00 - آخر تحديث: 01 شباط 2020 11:42:56

تتسارع وتيرة الأحداث الأخيرة في منطقتنا العربية. وكما يبدو الوضع عليه لأي مراقب سياسي، فالجماهيرية الليبية تشهد صراعاً حاداً بين مكوّناتها القبلية. واليمن تتصارع فيه المذهبيات بين الحوثيين من جهة، والسلطة الرسمية من جهة أخرى. والعراق تتنازع فيه أيضاً المذهبيات بين القوى التابعة لولاية الفقيه، والقوى العربية والسيادية. وفي سوريا يستمر الاقتتال بين النظام العلوي والمكوّنات السنية. ومصر لا زالت ترزح تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والأمنية. ولبنان تتصارع فيه سياسياً القوى الموالية لإيران والقوى السيادية والاستقلالية، ناهيك عن استمرار الحراك الشعبي (بغضّ النظر عن الخروقات المشبوهة التي اخترقته)، وتتعاظم فيه الأزمات النقدية والمالية والاقتصادية، والمخاوف الأمنية، وإسرائيل هي المستفيدة الأولى من تلك الأحداث.

في ظل هذا الوضع، وفي خضم هذه الأحداث، وفي ظل صراع المحاور بين الدول الإقليمية (إيران، تركيا، سوريا، دول الخليج) بهدف التوسع في بسط نفوذها على معظم دول المنطقة الصغيرة، بحجة الحفاظ على أمنها القومي، يجري ذلك في ظل الصراع بين الدول الكبرى بهدف السيطرة والهيمنة أيضاً، وكذلك أطماعها التاريخية في السيطرة على الثروات النفطية الهائلة.

في ظلّ كل ذلك، أطلّ علينا الرئيس الأمريكي ترامب ليتحفنا بالإعلان عن مشروعه "صفقة القرن"، وليعلن نضوج المرحلة التنفيذية لهذا المشروع، ويجري ذلك بموافقة بعض الدول العربية مع الأسف.

هذا المشروع الهجين الخطير على مستوى كل المنطقة، والذي يحمل في مضامينه إقامة دولة فلسطينية منزوعة السيادة والاستقلال والحرية، والتي يتحكم بمفاصلها الكيان الصهيوني الغاصب، والذي يفرض من خلاله على دول المنطقة توطين وتجنيس الفلسطينيين في الدول المتواجدين فيها، وهو ما يُنتج صراعاتٍ داخلية بين مكوّنات هذه الدول، ويبرّر مطالبتها بحكم ذاتي واستقلالية بحجة المتغيرات الديموغرافية التي تشكل خطراً على المصير.

لذلك، فإن المطلوب من دول المنطقة هو التوحّد، وتضافر الجهود لدرء مخاطر مثل هذه المشاريع. والمطلوب من كل المكوّنات اللبنانية، دون استثناء، هو التوحّد أيضاً لمواجهة أخطاره المحدقة، والإسراع في معالجة الأوضاع المالية والاقتصادية في البلد، وذلك لتأمين مقوّمات الصمود. وعلى القوى والفصائل الفلسطينية أن تتجاوز كل نزاعاتها، وأن تتوحد حول قيادتها الرسمية لتفرض واقعاً جديداً يفرض على المجتمع الدولي الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. وهو ما يوجب على الجميع العمل بجدية لمواجهة مخاطر هذا المشروع، وعلى وجه الخصوص الشعبين اللبناني والفلسطيني كي نحفظ الكيان اللبناني وتبقى فلسطين.

(*)  أمين سر وكالة داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي، البقاع الاوسط

 

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.