Advertise here

جمهورية أفلاطون وعرش نيرون

25 كانون الثاني 2020 22:59:42

بعد أكثر من تسعين يوماً متتالياً من الصراخ، ومن الجراح، ومن عدم قطع الأنفاس، وبعد انهيار الوضع المعيشي، وضجيج الحناجر، وطناجر العوز، وانهيار الاقتصاد، وإفلاس المؤسّسات والاستغناء عن الآلاف من موظفيها مما أدى إلى تفشي البطالة، فإن قادتنا الأشاوس المهيمنون والقابضون على السلطة، والمنغمسون في ملذات الحكم، والحالمون بعرش "نيرون" يرون ولا يرون، يسمعون ولا يسمعون، وربما لأنهم قرأوا كتاب "الأمير الصغير"، ويأخذون بنظريته القائلة (الغاية تبرّر الوسيلة). ومن أجل هذا استحضروا شياطينهم من غرفهم المظلمة ليكونوا أياديهم الخفية، فألبسوهم أثواب العفة، وقفازات الرحمة، وكلّلوا رؤوسهم بأكاليل الزيتون كالفلاسفة اليونانيين، وأخرجوهم للنور ليقولوا لنا إنهم ملائكة الوطن القادمين من مدينة أفلاطون الفاضلة لإنقاذ جمهوريتنا، وذلك بعد أن شعروا بأن مارد الثورة القادم من رحم النار قد خرج مهدداً مواقعهم ومكتسباتهم بريح لهيبه.

لا هكذا تُدار البلاد يا أصحاب مناصب الفساد، فإن الوطن بحكومتكم الوليدة المسخاء العرجاء، الفاقدة للثقة من قِبل الثوار، قبل أن تأخذ الثقة من قِبل مجلس نوابكم الموقّر الفاقد أيضاً للثقة، سوف تحبو بنا نحو المجهول، ونحو أفخاخ الدول الأقليمية والدولية، وما ينصب لها من مكائد ربما تكون قاتلة.

عودوا لرشدكم قبل أن تُحرق روما، ولا تراهنوا بالبلاد والعباد وصبر الناس من أجل مكاسب مشاريعكم الخارجية. فاصحوا قبل أن يصحوا الجمر من تحت الرماد كي لا تقولوا لنا بعد فوات الأوان (آه لو كنا نعلم)، لأن ما نحن عليه فالقادم ربما يكون مظلماً.

كل ما عليكم فعله الآن لإنقاذ الوطن، وبعد أن وقعت  الفأس في الرأس، هو أن تكون هذه الحكومة هي حكومة مرحلية تخاطب الحراك بأن مهامها الأولى هي كيفية وقف الانهيار الاقتصادي، ومن ثمّ عليها أن تدعو مجلس النواب لسنّ قانون جديد للإنتخابات خلال فترة زمنية وجيزة، ومن ثم إجراء انتخابات يكون ناتجها ثقة الشعب بمن يمثلهم، ومن ثمّ حكومة جديدة تنتشل الوطن من كبوته، وتأخذه نحو النهوض، وذلك بالتوازي مع مجلس نواب جديد يكون المشرِّع والمراقب والناظم.

 وأخيراً للذين لا يسمعون سوى رنين ذهب يوضاس، وأمام هذه المحن التي يمرّ بها وطننا، وما تحتويه من صعاب ومشاكل وأزمات، يستحضرني قول سيّدنا عيسى عليه السلام، (يا أبتِ اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون).

 

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.