Advertise here

لقاء بكركي... الخلافات "تُخلخِل" الأسس وتطيح الهدف!

17 كانون الثاني 2019 16:51:19

لم تسر رياح لقاء بكركي كما اشتهتها سفن البطريرك الجامع عرّاب المبادرة. فاللقاء أتى متصالحًا مع ذاته، بمعنى أنه كان انعكاسًا صريحًا لما يعيشه القادة المسيحيون في الساحة السياسية وفي يومياتهم من خلافات وأحقاد وكره. لم يحاول هؤلاء الضغط على الجرح بتلميع الصورة ولا استغلال فرصة الوجود على طاولة واحدة للتقارب ونكء الجراح.

هو لقاءُ صون الهيبة وصيانتها. هكذا كان يجب أن يكون. صحيحٌ  أن "جَمعة" بكركي لم تُذيَّل بهذا العنوان وحملت كثيرًا من العناوين السياسية والاقتصادية والمعيشية، بيد أنّها ضمنيًّا كانت تنطوي على هدف الحفاظ على موقع المسيحيين في لبنان، بمعنى آخر على "العهد" المسيحي. عبثًا حاول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التعتيم على حجم الخلافات تلافيًا "للشماتة". حتمًا لم يفلح، وكأني به يغطي عورات العالم كلّها بعباء صغيرة.

كلّ من الأفرقاء حضر بعنوان خاص: التيار الوطني أراد حماية العهد وموقع رئاسة الجمهورية المسيحي. القوات أرادوا الشكوى لله وللراعي من تصرّفات "حليفهم" المسيحي ربما السابق. أبناء المردة أرادوا إسقاط فكرة الثالث الضامن من حسابات العونيين وكتلة الرئيس. الكتائبيون أرادوا أن يهاجموا الجميع وأن يقولوا إنهم من هذه الطبقة التنفيذية براء.

انطلق الراعي من خطوته تلك من جملة عناصر متضافرة: أولًا، التأخير غير المُسوّغ في تشكيل الحكومة وترامي المسؤوليات والصلاحيات بحيث يرفض أبناء بيت الوسط أي خطوةٍ مرتقبة من قصر بعبدا بحجة عدم "التعدّي على صلاحيات الرئيس المكلّف المُصانة في الدستور". ومتى تمّ تجاوز هذه العقدة تنبت أخرى عنوانها السني من محور الممانعة، وهو ما يستشعر الراعي بأنه حبلٌ يلتفّ على عنق عون ويجعله عاجزًا عن اجتراح الحلول لتسريع وتيرة التأليف. ثانيًا، الوضع الاقتصادي المهترئ والوضع المعيشي المزري وهما وضعان مرتبطان بشكل أو بآخر بالشلل السياسي الذي تعيشه البلاد وفيه مغامرة صريحة بمساعدات مؤتمر "سيدر" وبالإصلاحات الموعودة. ثالثًا، يحزّ في نفس الراعي أن يستمر فتورٌ بين رأس الدولة وثاني الرؤساء (نبيه بري) لتنتهي الأمور إلى شغبٍ في الشارع ومحاولة لكسر كلمة رئاسة الجمهورية خصوصًا في ما يتعلق بالمؤتمر الاقتصادي الذي تحتضنه بيروت بعد أيام.

في المحصّلة، كما دخل الزعماء المسيحيون خرجوا. حافظ العونيون والقواتيون على ماء الوجه في الداخل بتنسيق بين النائبين ابراهيم كنعان وجورج عداون، فيما علت الصرختان الكتائبيّة والمرديّة، ليقف الراعي حائرًا أمام أبنائه المتخاصمين الضالّين. اليوم وبعد اللقاء، ما زالت بكركي تنظر إلى المدى البعيد، فتحاول، ولو أنها على يقين بفشل المحاولة، لمّ الشمل بلا فلاح بعد أن تتيقّن من أنّ جميع من جمعتهم يعملون لأجل هدف واحد: رئاسة الجمهورية.