Advertise here

لا ديمقراطية في بيئةٍ مجتمعها جائع

31 كانون الأول 2019 08:51:08

 كيف نخيِّر جائعاً بين أن يحضِّر طبخة حصى، أو أن ينام ومعدته خاوية. 

إن الحملات التي تقوم بها بعض المنظمات الأهلية في لبنان للتحفيز على ممارسة الديمقراطية لن تصل إلى الغاية المنشودة، والسبب هو غياب أسُس ومفهوم الديمقراطية. 

إن مفهوم الديمقراطية في بلدٍ جمهوري متعدّد الطوائف كلبنان هو أن السلطة والحكم يعودان إلى الشعب، وأن يكون حق المواطنة الكاملة بعيداً عن الانتماء الديني، وذلك عبر ممارسة الحرية الفكرية والمعتقدات، وكذلك هو المساواة والعدل، وحق إبداء الرأي.     

وإذا قمنا بمقارنةٍ بين مفهوم الديمقراطية والدِّين نجد أنهما خطّان لا يلتقيان. الأول يؤمن بحكم الشعب، والثاني يؤمن بحكم الشريعة الإلهية. وعندما نقول الشريعة، فإننا نعني حكم الله، وليس حكم الشعب. وهنا ندخل في مفهوم الحلال والحرام. فكيف نريد أن نطبق الديمقراطية في بلدٍ تنخر كيانه الطائفية البغيضة، وهي التي تجعل ولاء أفراد مجتمعه لدينهم ومذهبهم وليس للوطن. لا بل إن الوطن نفسه قائمٌ على أسسٍ طائفية، وهو المشرِّع الأول والمسوِّق لها، وذلك عبر تركيبته السياسية والسلطوية من الرأس إلى القاعدة، وذلك عبر السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية. وبهذا تكون الدولة قد ألغت الانتماء الوطني من نفوس مجتمعها المتعدّد الطوائف، وجعلت مواطنيها يتمترسون خلف مذاهبهم، مما يجعل ولاء الفرد الكلّي لطائفته، وليس للوطن. 

فلكي تُطبَّق الديمقراطية علينا أولاً إلغاء الطائفية من النصوص قبل النفوس.

أما النقطة الثانية، والأهم، في دعائم النُظم الديمقراطية فهي فصل السلطات التشريعية والتنفيذية، لكي لا يكون هناك وجهين لعملةٍ واحدة، ولتكون الديمقراطية هي المشرِّع والمراقب.

وثالثاً، علينا تحرير ميزان القضاء من السلطتين، ومن اليد العليا النافذة، ليكون سقفه فوق الجميع، ويطال سيف عدالته الجميع دون استثناء.

رابعاً حرية التعبير، وهي إحدى عناصر الديمقراطية والرافعة لها. فكيف نريد أن نأخذ رأي الفرد وفمه مكمّم ضمن نظام عسكريتاري.
إن الديمقراطية لا تعني أن يُساق المجتمع وراء حاكمٍ فردٍ يقول، لا أريكم إلّا ما أرى، بل يحق للفرد المشاركة في الحكم، وفِي الاختيار، لا أن يُساق إلى حيث يريد الآخرون، بل إلى حيث يريد هو من خلال تطبيق العدالة الاجتماعية. ويتحقق ذلك بتأمين الدولة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للفرد، والذي يبدأ بمحاربة البطالة، ورسم خطط عملٍ تؤدي إلى خلق فرص عمل، ومعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة، والطبابة، والتعليم، والاتجاه نحو التنمية البشرية للحدّ من الفقر.

وهكذا يكون الفرد محرراً من القيود، ومن الفروق الطبقية، ويستطيع أن يمارس حقّه الديمقراطي في الانتخابات، أو في القرار، أو صنع القرار، دون ضغط معيشي.