Advertise here

مع حكومة أو من دون حكومة!

11 كانون الثاني 2019 07:25:00 - آخر تحديث: 16 كانون الثاني 2019 01:29:29

في أحد المجالس السياسية التي تُعقد في الفراغ المستمر في سرايا الحكومة قال أحد الشامتين بالقيادات اللبنانية التي تآلفت مع القاعدة الشعبية وتمكنت من إخراج جيش الوصاية السورية من بيروت وسائر المدن اللبنانية: لو أن مقر عنجر ما يزال مفتوحاً مع دوائره في بيروت والمناطق، هل كانت أزمة تأليف الحكومة تعقدت وطالت حتى صارت في شهرها الثامن حتى اليوم؟

تساؤل يستدرج ذكريات زمن المرارة السياسية والمعنوية التي عاشها اللبنانيون، ولم يتخلصوا بعد من عواقبها ونتائج إرتداداتها على حياتهم اليومية، فكأن تلك المرحلة السوداء هي من قدر اللبنانيين في التاريخ والجغرافيا، على ما في ذلك التاريخ من أمجاد ومراحل عز في أزمنة النضال العربي المشرّف بين الشعبين اللبناني والسوري.

لكن اللبنانيين لا يستحقون مع أزمة تشكيل الحكومة المعقدة هذا "المونولوج" السخيف والثقيل الذي يجمّد الدولة بمعظم مؤسساتها، وخدماتها المقننة، وفضائحها المزدهرة، والمنتشرة على كل وسائل الإعلام في العالم، وخصوصاً على عنوان مؤتمر "سيدر" المؤتمن على مليارات الدولارات المجمدة لحساب لبنان تحت شروط الضمانات المطلوبة، وأولها القوانين، والشفافية، والأمانة، والخبرة، والذمة المالية المحصنة بدستور وحكم مدني، منبثق من سلطة إشتراعية منتخبة باحكام قانون ديموقراطي شفاف، وبضمانة قضاء مشهود له بالعلم، والعدل، والنزاهة، والشجاعة بإصدار أحكامه.

ولم يخطر في بال المشترع اللبناني الذي أنجز مسودة الصيغة النهائية للدستور اللبناني الاول، قبل الاستقلال، وبعده، أن يوماً ما، في زمن ما، سوف يجد اللبنانيون جمهوريتهم، ودولتهم، ومؤسساتهم، ومستقبلهم، رهينة إسم مرشح لوزارة، من خارج مجلس النواب، أو من داخله.

إنه الوزير الثامن والعشرون المطلوب، والمختلف عليه، وقد لا يكون الحل، أو التسوية، إلا برفع عدد الوزراء إلى إثنين وثلاثين، أي أن ربع عدد مجلس النواب مطلوب للحكم، من داخل المجلس أو من خارجه، ولبنان الدولة الصغيرة بالمساحة، وعدد السكان، الكبيرة بالجشع، وباستغلال السلطة والنفوذ، وجمع الثروات بالحلال والحرام، هذه الدولة تكفيها حكومة من ثمانية وزراء.. كما في جميع الدول المماثلة للبنان بعدد السكان، والمختلفة عنه بثلاث مواصفات يفتقدها: الديموقراطية، والمدنية، والنزاهة.

على أي حال، يكتشف اللبنانيون، بالتمادي، ويوماً بعد يوم، أنهم يعيشون من دون حكومة منذ ثمانية أشهر، ويمكن أن يستمروا زمناً أطول، بشرط أن تؤمن لموظفي الدولة رواتبهم، لا أكثر.

لكن، هل انتهى زمن الوصاية؟!