Advertise here

لعنة حرب المحاور

05 حزيران 2019 15:52:00 - آخر تحديث: 05 حزيران 2019 15:58:11

عندما نجلس مع كبار السنّ، من آباء وأجداد وأقارب، نسمعهم يتحدّثون عن لبنان الحرب الأهلية. بعضهم يعتبر أن الوضع المعيشي كان أفضل فيقول: "والله كانت الحالة ميسورة بالحرب"، والبعض الآخر يربط الوجع المعيشي الحالي بما سبقه ويقول: "طول عمره الوضع هيك". لست أدري منطق منّ أصدق، وحديث من أسمع، ولكنني أدري أن شباب اليوم لا يريد طائفية الأمس، ولا بطشه، ولا أوضاعه المعيشية. شباب اليوم، يريد الغدّ الذي يرتعب منه في دولة الذئاب الجائعة.

عكس تيار البطالة والهجرة يناضل الشباب اللبناني المقاوم الذي لايزال يؤمن بلبنان. مقاومة هؤلاء الشباب بعيدة عن تلك التي نسمع عنها. هي أصعب وأشمل. هي مقاومة الفقر واليأس والوجع والجوع. هي مقاومة المارونية السياسية والسنية السياسية التي لا نريد! فيا ليتهم يدرون أن شوارع بيروت لا تسأل عن الطائفة، ولكن قصورهم تسأل ومساعداتهم تسأل! يا ليتهم يدرون أننا سئمنا من حرب المحاور، التي تلاحقنا أينما ذهبنا! ففي الداخل، حرب مصالح التي يذهب ضحيتها المواطن أمثال زياد عيتاني. هنا حرب المؤسسات العسكرية التي اقتحمتها الطائفية السياسية ليأكل الحصرم من في القنطاري والشالوحي، ويضرس المواطن!

في الداخل، تتقلّب المحاور وتتشقلب على حساب دولة القانون التي نفتقد.هنا كل شيء مباح، إقحام الآخر بتهمة التعامل مع العدو، حرمان اللبناني جنسيته، حرمان الكادحون من حقهم بالنجاح لأسباب طائفية، وغيرها من المباحات القبيحات. لتشتعل حرب المحاور عندما تتعارض المصالح فيُكشف المستور ويدخل توتر على خط تويتر! للأسف، أهلا بكم في وادي الذئاب الجائعة المرتبط بذئاب الخارج! فاللبناني لا يسلم. قد حلّت بنا لعنة الخارج وقتلتنا لعبة الأمم. ليأتي من يجاهر بأن قوته تحت تصرّف تلك الجمهورية، ويواجهه من يرى الخلاص على عرش تلك العاصمة!

أما الشباب، وإن كان ناشط سياسي، يلعن سياسة المحاور وتبيعاتها. يشتمها حينما يفرض عليه طرق الباب العالي بحثا عن الوظيفة، ويودّ شنقها عندما تعيده الى لبنان لأنه ينتمي الى خط سياسي تخاصمه الدولة المضيفة!

ماذا بعد؟! لست أدري الى متى ستلاحقنا لعنة المحاور. لسنا أبناء الشرقية ولا ننتمي الى الغربية، لسنا مع 14 آذار ولا نرغب بالثامن منه. لسنا مع العهد ولا نعرف من ضده، لسنا خلف السعودية ولا نريد إيران. نحتقر العدو، ولكنّنا نريد الدولة! كل التناقضات نحن، والغضب الصامت نحن، ولكن إلى متى!