Advertise here

في زمن الميلاد... لم يعد ينفع الا الدعاء

26 كانون الأول 2018 09:15:45

لم تدفن الحرب السياسية ليلة الميلاد. والعيدية الموعودة لم تتحقق للبنانيين. لربما لم يعد ينفع مع حال البلاد غير الدعاء، على غرار ما فعل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، برفعه يديه متضرّعاً إلى الله العلّي القدير، لأنه على كل شيء قدير. ولعلّ الدعوات تكون مستجابة لإخراج الحكومة، من البغضاء، إلى رحاب الصالح العام. وما يعنيه ذلك من إهتمام في شؤون الوطن وشجون المواطن.

ولعلّ كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي في رسالته الميلادية، مثّل الكلام الحقّ في توجهه إلى أصحاب السياسية والكياسة. مصوّباً على المعطّلين والمعرقلين، ومصلياً داعياً أن يلهمه الله إلى ما يُرشدون إليه في إحقاق الحق وزهق الباطل. الرسالة الكنسية واضحة، ولا تخلو من ثوابت بكركي التاريخية، الحفاظ على التسوية تحت سقف العيش المشترك، تطبيق إتفاق الطائف وعدم طعنه أو إهداره، وتلوية أمور المواطنين بما ينطبق من إنتهاج السياسيين في تسيير دور المؤسسات والإلتزام بمنطق الدولة.

يعيش اللبنانيون على أمل ولادة حكومة قريبة، تكون متجانسة في مقاربة هموهم ومطالبهم، وتسعى إلى البحث عن حلول إقتصادية وتحقق ثغرات في جدار الأزمة المعيشية. ولذلك حمّل البطريرك الراعي المسؤولية لمن يبحث عن مصالحه الخاصة على حساب المصلحة العامة.

وقد لخّص الراعي عظته في رسالة واضحة، تتركز على الإجماع الوطني، والإشارة إلى المطامع التي تتحكم بمسارات الساسة. وذهب أكثر في تخوفه حول الوضع الدولي المحيط بلبنان قائلاً:" ما القول عن الخوف من حرب جديدة مع إسرائيل، والدولة لا تمتلك أحادية السلطة والسلاح، لكي تخرج لبنان من ساحة الصراع في المنطقة؟ فميثاقياً ودستورياً ودولياً لا تستطيع الدولة اللبنانية التخلي عن دورها في تنفيذ القرارات والسياسات الدولية وبخاصة النأي بالنفس وتطبيق القرار 1701. ولا يحق لها التنازل لأي طرف عن حقها وواجبها بالقرار الأوحد في قضية الأمن القومي اللبناني وفي السياسة الخارجية والعلاقات الدولية".

الرسالة الأساسية التي انطوى عليها كلام الراعي، هي الحفاظ على اتفاق الطائف، وعدم الإنقلاب على الدستور ووجب الحفاظ على الصيغة اللبنانية الفريدة بنوعها خاصة في هذه المرحلة الأساسية من تاريخ المنطقة، خاصة أن المؤشرات تفيد بالإقبال على متغيرات جيوستراتيجية، وكأن كلام الراعي يمثّل الصوت الصارخ في البرّية اللبنانية، ويلاقي مواقف قديمة وجديدة لجنبلاط، حول وجوب الحفاظ على النفس في لحظة صراع الدول، بما معناه، أنه على لبنان واللبنانيين أن يحموا رأسهم في مواجهة لعبة الأمم.