Advertise here

مفاجأة ترامب بالانسحاب.... من سيملأ الفراغ؟

20 كانون الأول 2018 07:25:00 - آخر تحديث: 20 كانون الأول 2018 14:10:14

شكل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية الموجودة في سوريا، مفاجأة للعديد من الأطراف والقوى المعنية بالملف السوري، لما يحمل في توقيته من مخاوف عديدة حول الاستقرار في المنطقة وحول مستقبل سوريا ووحدتها، ومسار التسوية السياسية المنتظرة، بحيث يتزامن هذا القرار مع انتهاء مهمة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، الذي فشل في تشكيل اللجنة الدستورية المعنية بإعداد الدستور الجديد، وبالتزامن مع دعوة البيت الأبيض لإنهاء مسار آستانة الذي تشارك فيه روسيا وإيران وتركيا، والذي مهد إلى انقلاب المشهد السياسي والعسكري في سوريا وتشتيت قوى المعارضة، من خلال ما سمي بمناطق خفض التوتر التي باتت بمعظمها تحت سيطرة قوات النظام مدعوماً من إيران وروسيا، فيما تحافظ تركيا على تواجدها في مناطقة إدلب ومناطق (درع الفرات) في الشمال السوري والتي يتواجد فيها مقاتلو الجيش السوري الحر المؤيد لأنقرة، كما يأتي القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا في الوقت الذي تستعد فيه القوات التركية الدخول إلى منطقة شرق الفرات، وفق ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تطبيقاً لاتفاق "منبج" بين أنقرة والبيت الأبيض، وتعتبر مناطق شرق الفرات التي تسكنها الغالبية الكردية، وتتواجد فيها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، محمية أميركية وتقع فيها أكبر القواعد العسكرية الأميركية. إلا أن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية، امتداداً لحزب العمال الكردستاني المعارض لأردوغان.
وكان البيت الأبيض قد أعلن عبر أحد المسؤولين الدبلوماسيين أن الرئيس دونالد ترامب أعطى أوامر بسحب القوات الأميركية من كل الأراضي السورية، معتبراً أنه حقق هدفه بإلحاق"هزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية".
وقال المسؤول الذي لم يشأ كشف هويته "إنه انسحاب كامل" سيحصل"في أسرع وقت"، موضحاً أن "القراراتخذ الثلاثاء".
وقال ترامب في رسالة بالفيديو تم بثها على موقع تويتر "لقد انتصرنا"، معلنا هزيمة التنظيم الإرهابي. وأضاف "لقد دحرناهم وأنزلنا بهم هزيمة قاسية. لقد استعدنا الأرض".
وتابع ترامب "لذا فإن أبناءنا، شبابنا من النساء والرجال، سيعودون جميعاً، وسيعودون الآن".
وكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر تويتر أن الولايات المتحدة هزمت تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، مضيفاً أن ذلك الهدف كان المبرر الوحيد الذي جعله يحتفظ بقواته هناك.
المتحدثة باسم وزارة الدفاع "البنتاغون"، أشارت إلى أن عملية إعادة القوات الأميركية من سوريا "قد بدأت".

وكان قرار الانسحاب الأميركي من سوريا قد سحب من التداول مرات عدة، لما أثار من تباين في الآراء والمواقف داخل إدارة الرئيس ترامب، فالأسبوع الماضي، قال مبعوث الولايات المتحدة للتحالف الدولي ضد الإرهاب بريت ماكغورك أن الأميركيين سيبقون لبعض الوقت في سوريا.
وقال ماكغورك "لا أحد يقول إن المهمة قد أنجزت. بالطبع لقد تعلمنا دروساً كثيرة. لذلك، نحن نعرف أنه لا يمكننا فقط حزم الأمتعة والرحيل حالما يتم تحرير الأراضي".
وزير الدفاع جيم ماتيس حذر في حزيران الماضي من انسحاب متسرّع من سوريا، "يتعين أن نتجنب ترك فراغ في سوريا يمكن أن يستغله نظام الأسد أو من يدعمه".
ولا يزال ماتيس ومسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية قلقين من فكرة الانسحاب من سوريا قبل التوصل إلى اتفاق للسلام ينهي الحرب في سوريا.
 
أول رد فعل معارض للقرار الأميركي، جاء من داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس دونالد ترامب. وقال السيناتور لينزي غراهام المعروف بدفاعه الدائم عن ترامب، أن أي خطوة من هذا القبيل ستكون خطأ. وذكر غراهام في بيان، أن "الانسحاب الأميركي في هذا التوقيت سيكون انتصاراً كبيرا لتنظيم داعش وإيران وبشار الأسد وروسيا. وأخشى أن يؤدي ذلك إلى عواقب مدمرة على أمتنا والمنطقة والعالم بأسره".
وأضاف أن هذا القرار "سيزيد من صعوبة الاستعانة بشركاء في المستقبل للتصدي للتشدد. وستعتبر إيران وغيرها من الأطراف الشريرة ذلك دليلاً على الضعف الأميركي في الجهود الرامية لاحتواء النفوذ الإيراني".

وفي تطور لاحق، قال السناتور الجمهوري روبيو في تعقيب على الأنباء"إن الانسحاب الكامل والسريع للقوات الأميركية من سوريا سيكون خطأ فادحاً تتجاوز تداعياته المعركة ضد داعش".
 
من جهتها اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن قرار واشنطن سحب قواتها من سوريا قد يشير إلى الأمل في الاستقرار السياسي في البلاد التي مزقتها الحرب، في حين لا يزال بعض المسؤولين الروس يشككون في ذلك.
وقالت زاخاروفا "هناك أمل في أن تعود هذه المنطقة من سوريا في نهاية المطاف إلى الحياة الطبيعية والهادئة مثلما حدث في حلب والمدن السورية الأخرى قبلها" مضيفاً أنه "طالما كان هناك جنود أميركيون هناك، لم يكن هناك مثل هذا الوضع". 
انسحاب القوات الأميركية من سوريا يشكل برأي بعض المتابعين طعنة كبيرة في خاصرة الأكراد، خاصة إذا نفذت تركيا عمليتها العسكرية في شرق الفرات، وهذا يناقض أهداف الانسحاب التي حددتها واشنطن والقاضية بمنع عودة (داعش) وانسحاب كل القوى الأجنبية من سوريا، وخاصة إيران وميليشياتها.


كما قد يمهد هذا الانسحاب لإسقاط اتفاق إدلب إذا نفذت تركيا عمليتها العسكرية شرق الفرات دون موافقة روسية وإيرانية.
ومن ناحية أخرى يضع المراقب السياسي الخطوة الأميركية، في سياق الخطوة الاستباقية لأي عملية تصعيد جديد ضد ايران، حيث بدأت العقوبات تحقق أهدافها والتي قد تصل إلى ذروتها مع انتهاء مهلة الأشهر الستة التي أعطتها الولايات المتحدة الأميركية لبعض الدول، ما قد يضاعف من حدة التوتر في المنطقة، حيث إن معظم القواعد العسكرية الأميركية في سوريا تقع تحت مرمى الصواريخ الإيرانية كما تقول. 

لا بد من الإشارة إلى أنه مع الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من سوريا، سيظل هناك وجود عسكري أميركي كبير في المنطقة يتضمن نحو 5200 جندي عبر الحدود في العراق.

 فوزي ابوذياب