Advertise here

صدمات "الاشتراكي" الكهربائية بلا مجيب... فمن يوقف العداد؟

16 كانون الأول 2018 18:00:00 - آخر تحديث: 17 كانون الأول 2018 17:38:02

من يصدّق أن لبنان هذا البلد الذي لُقب يوماً بسويسرا الشرق، لا كهرباء فيه، لا بل تكاد الساعات المقننة وتلك التي يستأجرها من البواخر أن تغرقه، كما تغرق خزينته بمليارات الدولارات بسبب هذا القطاع وما يشهده من هدر وفساد.

وفيما تمادت السلطة طوال السنوات الماضية بعدم اعتماد أي خطة للنهوض بهذا القطاع ووقف الهدر فيه، كاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن يكون الصوت الوحيد الصارخ المحذّر من "عدّاد" الدين، داعياً إلى ضرورة أن يبدأ الإصلاح أولاً من الكهرباء، فهذا الملفّ من مزاريب الفساد التي يجب إقفالها.

كرّر جنبلاط هذا الموقف مراراً وتكراراً في تغريداته وتصريحاته وإطلالاته التلفزيونية، رافضاً في آخر إطلالة له أن يحمل المسؤولية إلى فريق دون سواه، إلا انه جدد الدعوة إلى ضرورة البدء من مكان ما.

من جهته، واكب الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي مناشدات جنبلاط، وواجه سياسة البواخر وبعض الصفقات على طاولة مجلس الوزراء كما خارجها، وكان صوت "التقدمي" الوحيد الذي رفض السلفة التي أقرها مجلس النواب مؤخراً، معتبراً أن "هذه السلفة خطيئة كبرى ترتكب بحق الوطن، فيما الاستمرار بسياسة النزف المالي دون تطبيق القوانين يقودنا إلى المجهول".

وقد كان لقطاع الكهرباء حيز كبير في الجمعية العامة لـ"التقدمي" في شباط 2017، ليعود ويخصص مؤتمراً خاصاً بقطاع الكهرباء في 17 شباط 2018، حيث أصدر توصيات عمل على تطويرها وإدخالها في ورقة اقتصادية إصلاحية شاملة، أعلن عنها في مؤتمرعقده في مقر الحزب في وطى المصيطبة في 15 كانون الأول 2018، والذي أطلقها لدرء المخاطر عن الوضعين المالي والاقتصادي، "ففي ظل تفاقم العجز وتخطيه توقعات موازنة العام 2018 تستمر نسب النمو المتدنية غير القادرة على امتصاص العجز الناتج عن استمرار تحمل الخزينة للأعباء الناتجة عن السياسات المقوضة لقطاع الكهرباء ومؤسسته وعن خدمة الدين العام والكلفة الباهظة لرتب ورواتب وتعويضات القطاع العام”، كما أعلن حينها عضو مجلس القيادة في الحزب المهندس محمد بصبوص في المؤتمر.

وقد أعلن "التقدمي" سلسلة إجراءات على الحكومة المقبلة أن تتبناها وفق خطة طوارئ اقتصادية ومالية تهدف إلى ضبط الهدر وخفض العجز وترشيد الانفاق، ومن بين هذه الإجراءات ضبط العجز السنوي لمؤسسة كهرباء لبنان.

ونصّت الورقة الإصلاحية حرفياً على ما يأتي: 
"بعد أن ابتلعت الكهرباء 39 مليار دولار أي ما يقارب 45% من المديونية العامة بزيادة سنوية تراكمية تقارب الملياري دولار باتت المعالجة السريعة لقطاع الكهرباء من القضايا الوطنية الأساسية لضبط العجز. إن إخفاق السياسة الحكومية في معالجة هذه القضية وتراكم الإنفاق سبب نزفاً أرهق كاهل ميزانية الدولة. إن أي بحث في تخفيض عجز الموازنة، يبقى بحثاً ناقصاً لا يحقق مبتغاه وجدواه طالما بقي النزف الحاصل في مؤسسة كهرباء لبنان، وأن أي بحث لمعالجة وتطوير قطاع الكهرباء يبقى مدخله الإلزامي والضروري إجراء إصلاحات جذرية في مؤسسة كهرباء لبنان والقطاع الكهربائي بشكل عام، إذ لا استثمار دون إصلاح ووقف للهدر، بحيث إن أي زيادة في الإنفاق لن تحقق مفاعيلها المرجوة دون الإصلاحات التالية التي باتت أكثر من ضرورية وملحة:

- التأكيد على استقلالية مؤسسة كهرباء لبنان، الإداري والمالي، وتحديد دور سلطات الوصاية وفق المرسوم 4518.

- تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان بعد أن تم التجديد لرئيس مجلس الإدارة لمدة ثلاث سنوات إنتهت في العام 2017 (مجلس الإدارة غير مكتمل ومعين منذ أكثر من 15 عاماً).

- إستكمال الجهاز البشري في المؤسسة انطلاقاً من تعيين مديرين أصيلين، ووضع الحاجات البشرية الفعلية وطرق ملئها موضع التنفيذ في ظل جهاز بشري غير مكتمل بوجود 50% من وظائف شاغرة تتزايد بنسبة 8% سنوياً، ووقف التوظيف السياسي العشوائي وغير المنتج.

- وضع القوانين التي أقرها مجلس النواب في ما خص قطاع الكهرباء قيد التنفيذ في برنامج زمني محدد، لاسيما القانون رقم 462/2002 المتعلق بتنظيم قطاع الكهرباء والذي يستلزم تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والنظــر بالتعديلات على قانون تنظيــم قطاع الكهربــاء رقم 462/2002 والقانون 287/2014، ما يسمح بفتح المجال للاستثمار من قبل القطاع الخاص في قطاع الإنتاج.

- تفعيل دور الرقابة اللاحقة على قيود ونفقات المؤسسة ومراعاة أحكام قانون المحاسبة العمومية وامتثال الحكومة والشركات لهذه القوانين وتكليف المديرية العامة للاستثمار والصيانة الإشراف على علاقة هذه الشركات بالمؤسسة وعلى حسن تطبيقها للقانون وحصر الصفقات بإدارة المناقصات وتطبيق الأحكام المنصوص عنها في قانون الشراكة (القانون 48 تاريخ 7/9/2017 وبخاصة في المناقصات).

- تخفيض أولي لـ50% من الهدر خلال العام 2019 عبر الالتزام بمعالجة الهدر التقني وغير التقني، ووضع الإصلاحات الإدارية موضع التنفيذ كضرورة أولية حتمية لإنعاش القطاع الكهربائي.

- إلتزام تحقيق التوازن المالي مع بداية عام 2020 وذلك عبر تخفيض مجمل الخسائر الكهربائية (تقنية وغير تقنية) من مستواها المرتفع (أكثر من 50%) إلى ما لا يزيد عن 12%، علماً أن نسب الهدر تتخطى الـ50% خلافاً لما هو معلن من قبل مؤسسة كهرباء لبنان (راجع الجدول المرفق تحت عنوان "الهدر الفعلي بناءً على بيانات مؤسسة كهرباء لبنان").

- تحسين الجباية ووقف التعديات على الشبكة (تطبيق أحكام القانون رقم 623/97 القاضي بتشديد عقوبة التعدي).

- إجراء دراسة شاملة لكلفة الإنتاج واعتماد التعرفة التصاعدية لدعم الفئات المحتاجة، على أن تأخذ بعين الإعتبار الأرقام المدققة المحصورة في كلفة الدعم (37%) وغير العائدة للهدر غير التقني (48.5%).

-الوقف الفوري لبواخر الكهرباء التي بلغت كلفة ايجارها فقط خلال السنوات الخمس الماضية 675 مليون دولار تضاف اليها كلفة الفيول.

- إطلاق مناقصة عاجلة لإنشاء معملين كهربائيين بقدرة 500 ميغاوات لكل منهما.

- إعتماد سياسة صيانة وتشغيل وفق مؤشرات الأداء وفي ظل إشراف عصري وأتمتة كاملة للتحكم والتشغيل والقراءة.

- توسيع انتشار واعتماد الطاقة البديلة وتعميمها لدى المستهلك اللبناني من خلال تبادل الطاقة مع الشبكة وحسن فوترتها في أنظمة حديثة بديلا لـ (Net Metering) الحالي وإعفاء المعدات المستوردة لهذه الغاية من الجمرك.

- وضع خطة علمية تنبثق عنها آلية تنفيذية لحل اختناقات شبكات النقل والتوزيع من خلال تقوية الخطوط الموجودة حالياً واستحداث خطوط جديدة.

- وضع خطة لتفعيل المعامل المائية الموجودة واستحداث معامل مائية جديدة".

ولم يكتفِ الحزب التقدمي الاشتراكي بإصدار التوصيات، لا بل يعمل على نقلها إلى كافة الأحزاب والقوى السياسية والكتل النيابية، بعدما كان قد ناقشها أيضاً مع المجلس الاقتصادي الاجتماعي والذي يُعوَّل عليه الكثير في المرحلة المقبلة من أجل التخطيط ورسم سياسات البلد المستقبلية.

هذا ويبحث "التقدمي" هذا الهم مع كل المعنيين بمن فيهم المنظمات الدولية، وكان سبق أن اجتمعت قيادته بعدد من مسؤولي قسم الطاقة في البنك الدولي في مجلس النواب للنقاش في إصلاحات قطاع الطاقة والعمل المؤسساتي لإصلاح الكهرباء في لبنان، الأمر الذي لا يغيب أيضاً عن لقاءات رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط.

فهل تصغي الدولة والحكومة المقبلة لصرخة "التقدمي" في موضوع الكهرباء؟ وإذا لم توجد الآذان الصاغية فمن يوقف حينها العداد؟