Advertise here

ميلاد الكوكب الأحمر

06 كانون الأول 2020 12:04:21

 في عالم الفلك، المريخ هو الكوكب الأحمر. وفي الجغرافيا هو الاتّحاد السوفياتي العظيم. أمّا في لبنان، فهو بكل ثقةٍ وتأكيد، المعلّم كمال جنبلاط.

 همزةُ وصلٍ هوى بين الأرض والسماء. كان ميلاده، قبل الميلاد، ميلاد ناسك المختارة.

في مثل هذه الأيام، ومنذ اختارت بلاد الشوف أن تعتمر قبعة الحكمة، وأن تتلفع بشلوح أرزِه، وبنسيجِ غيمه، وتتحضّر لميلاد الطفل كمال، ثمرة اقتران الشمس، الست "نظيرة جنبلاط"، بالقمر فؤاد جنبلاط، عشية الميلاد المجيد. 

 كانت المعمورة كلّها تميل إلى الاحمرار في شفق المختارة، وفي شفقِ الكون،  تخرج من رحم الحرب، إلى رحم السلام.  وهو مخاضٌ صعب. وكان ميلاد  الكوكب الأحمر، في لبنان، يؤذن بالفجر. يعدُ بانبلاج الفاتن الأحمر، على الشجر الأخضر، فيصطبغ حوض المختارة بشلالٍ من ضوء، تتوضأ به الأعالي، وتتم رسالة السماء، ثمّ هو يغور في أعماق نبع المختارة المسحور. يخرج بصيغة السادات. بصيغة الكمال. 

 ليلة أضاءت المختارة أنوارها، وأشرعت السماء أنسامها، ونزل الكوكب الأحمر وئيداً وئيد، ونزل الكوكب الأحمر وحيداً وحيدا، ساجداً على أسطح القصر، يأخذ طريقه إلى المذود. يتفقد لفائف النور، ويتهجّأ حروف آيةٍ حملتها على وهن،  أعماق قصر انزوى بين شجر الشوح وشجر الأرز .

فجأةً تخرج الأرض من مخاضها. تنتهي الحرب. وتهب تباشير السلام، ويولد الكوكب الأحمر من جديد،  في المشرقَين. فوق سهوب آسيا، وفوق أكتاف المختارة، معاً في آن.

 ينزل من عليائه، رحمةً للعباد من نيران حرب ضروس، تُخرج من أحشائها الشرر الأحمر، وتشق الأقمطة.

 كمال جنبلاط أضاء بنوره الأحمر ليل كانون الأول، كما دماء الثورة الحمراء كانت تصبغ أرض المشرق البعيد.

  كانت يداه تقولان السلام بطعمٍ مر. بطعم رسالة. بطعم حرب.
 كانت يداه من نسيج علم أحمر يرفرف، فوق المهاد قبل أن تنجلي الشمس فوق سهوب الحروب، وقبل أن يضوع بخور الوئام فوق الدروب.

  كان كمال جنبلاط طفلاً يولد على الأرض، يفرشها سجادة من أقحوان. 
 كان طريق السماء فوق القنان.
 طريقٌ معلقةّ بخيوط من نور الكوكب الأحمر الذي يشبه الأرض. 

كان المعلّم كمال جنبلاط ثورةً حمراء تولد في مذود المختارة، قبل انتشار الثورة الحمراء في أقاصي الأرض.

 ماذا تقول المختارة، ليل كل كانون ميلاد عظيم، من كل عام، غير هذا الكلام: 

 ثورة حمراء ولدت في ليلة بيضاء، في مذود القصر. شقت السماء أقمطتها، فوُلد الكمال، يشعّ كوكباً أحمر، فوق أرز الشوف، يحمل بين يديه، سعفةً خضراء، يلاقي بها الثورة الحمراء، تخرج من خاصرة الأرض. قمر المختارة الأحمر هذا العام، همزة وصل بين الأرض والسماء. بين السماء والأرض. بعدما ضاقت السماء بلبنان. بعدما ضاقت السماء بهذه الأرض.

 يقف المعلم عملاقاً من أرجوان. شعلةً، مشعلاً، على مدخل المختارة. يقول للملأ. يشهد بين يديه قلمٌ وكتابٌ، ونبراسٌ وقرطاس: حكمة من بلاد الأرز، ترنّ في أذن السند والهند. ترنّ في أذن آسيا. تلاقي الثورة الحمراء تخرج من فجاج الأرض.

 كمال جنبلاط بدرُ وطن الأرز. المشعل، الكوكب النيّر الأحمر، بيده الشعلة الحمراء، ينزل من عليائه، في الليلة البيضاء. يغور في مذود القصر من جديد، رحمةً للعباد في فؤاد المختارة، ويسطع كوكباً أحمرَ من لبنان. يسطع، يسطع. يصل "الأقصى" بكل  الأرض.


* أستاذ في الجامعة اللبنانية