Advertise here

كمال جنبلاط: عاشقاً للحرية حتى الإستشهاد

04 كانون الأول 2020 10:39:00 - آخر تحديث: 07 كانون الأول 2020 20:18:15

في ذكرى ميلاده، نحاول أن نتناول جانباً من سيرته السياسية، وهو الذي كان رجلاً شجاعاً لا يهاب أحداً بالحق.

 وكان لا يخاف الموت، وبرغم علمانيّته كان قدرياً، ويؤمن إيماناً قاطعاً بأن منيّته لا تأتي الّا عندما يكون مقدّراً لها ذلك.  

كان كمال جنبلاط، استناداً إلى قيادته التاريخية للطائفة الدرزية، واستناداً إلى قيادته للحركة الوطنية باسم مشروعها للتغيير الديموقراطي، يزاوج بدقة وبمسؤوليةٍ عالية بين كل من الموقعَين القياديين المشار إليهما، معلناً بحزم وبشكلٍ مبدئي ثورته ضد النظام الطائفي الذي يعيق تطوّر البلاد، ويهيّىء للحروب الأهلية المتواصلة.

لكنه كان في المقابل يحرص على احترام التقاليد والشعائر الدينية الخاصة بطائفة الموحّدين الدروز، ولا يسمح بتحدّيها. 

لقد كان كمال جنبلاط يحلم بولادة تاريخٍ جديدٍ للبنان يتحرّر فيه من ديموقراطية عرجاء، شوّهت الطائفية بمعناها، وعطّلت مفاعيلها في تحقيق وحدة اللبنانيين بمكوّناتهم الثقافية، والدينية، والسياسية المتعدّدة، وفي تحقيق التقدم للبنان. كان كمال جنبلاط يرى في الطائفية السائدة في النظام اللبناني نمطاً استبدادياً يُلحِق لبنان بصيغةٍ خاصة بأنظمة الاستبداد والتي تعمّ العالم العربي، خاصةً في جواره  السوري. وحين أطلق في العديد من أحاديثه رفضه لأنظمة الاستبداد، ورفضه الدخول في أية وحدةٍ عربية غير متوفرة فيها الشروط الصحيحة التي تراعي الحرية والخصوصية، كان يؤكّد من دون تردّد أنه لا يريد إدخال شعبه اللبناني في ذلك السجن العربي الكبير الذي يتمثّل بأنظمة الاستبداد السائدة. وهو كلامٌ قاله كمال جنبلاط لحافظ الاسد في ذلك اللقاء الشهير الذي سبق استشهاده بعام. وهو الكلام ذاته الذي قاله للرئيس جمال عبد الناصر عندما  ذهب لتحيّته في دمشق عام 1958، في أعقاب إعلان الوحدة المصرية- السورية. قال لعبد الناصر بوضوح، ومن دون تردد، أنّ لبنان لن يكون جزءاً من تلك الوحدة. وكرّر موقفه دفاعاً عن الحرية والديموقراطية في لقاءٍ آخر مع عبد الناصر جرى في القاهرة، في الوقت الذي كانت سجون مصر وسوريا تعجّ بالمثقّفين اليساريين والليبراليين.

سوف يُنصف التاريخ عاشق الحرية، المعلّم الشهيد كمال جنبلاط.

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية