Advertise here

التأليف أسير الخلاف على التسميات وضيق الخيارات.. و"الترشيد" أمام امتحان الإقرار والتطبيق

04 كانون الأول 2020 05:42:00 - آخر تحديث: 04 كانون الأول 2020 08:12:57

لا تزال عملية تأليف الحكومة أسيرة المحاصصة الداخلية والصراعات الخارجية، واللبنانيون باتوا في كل ذلك أسرى هذا النهج المدمّر للبلاد، لا حول ولا قوة لهم سوى انتظار بعض مساعدات إنسانية من مؤتمر دولي هنا، أو الرهان على ضغط من وسيطٍ ما يُخرج أهل الربط والحل في البلد من "لعب الولاد"، وفق ما وصفه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط. جنبلاط الذي رفع صوته في وجه كل الأسلوب المعتمد الذي عطّل البلد، لاقاه رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بنداءٍ مماثل حثّ فيه على تأليف الحكومة.

وفي ضوء كل ذلك لم تحصل زيارة رئيس الحكومة المكلّف، سعد الحريري، إلى قصر بعبدا في اليومين الماضيين، لأن  السبب بحسب ما كشفت معلومات لجريدة الأنباء الإلكترونية أن رئيس الجمهورية، ميشال عون، "لا يزال يرفض أي تسميةٍ للوزراء بناءً على اتّفاق مع القوى السياسية الأخرى بدون التنسيق معه والاكتفاء بالتفاهم معه على عدد من الوزراء المسيحيين". وقال عون وفق المعطيات إنه، "رئيس جمهورية كل لبنان، ولا بدّ أن يكون شريكاً في تشكيل الحكومة ككل، وكل الوزراء من كل الطوائف لا الوزراء المسيحيين".

في المقابل فإن الحريري يؤكّد وفق أوساطه أنه، "لا يريد تقديم أي تشكيلة حكومية لا يوافق عليها رئيس الجمهورية. وعلى الرغم من كل النصائح التي يتلقاها من محيطه بتقديم تشكيلة حكومية مؤلفة من 18 وزيراً، ورمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، فإن الحريري يريد فقط تقديم تشكيلة حكومية تحظى بموافقة الجميع، وبالتالي لا يتم رفضها".

بناءً على هذه المعطيات تستمر المراوحة القاتلة في ملف تشكيل الحكومة، ويجد الحريري نفسه محرجاً في التزاماتٍ قدّمها. وها هو يجد نفسه مضطراً إلى التراجع عنها، حتى أنه قدم التزامات سابقاً لعون اعتبرها المقرّبون منه بأنها أخطاء، وها هو غير قادر على تصحيحها، على غرار تصلّب عون بالمطالبة بوزارة الداخلية، والدفاع، والطاقة، والعدل، في مقابل حسم وزارة المالية للطائفة الشيعية، بينما تكشف المعلومات أن حزب الله يتشبّث بالحصول على وزارة الأشغال، أو التربية بدلاً من وزارة الصحة التي يتمسّك بها الحريري، والذي يبحث عن فرص لإرضاء القوى الأخرى.

وحول كل هذا المشهد، أعرب عضو كتلة "الجمهورية القوية"، أنيس نصّار، عن تأييده توصيف جنبلاط لواقع عملية التأليف، ولفت إلى أن "أسلوب التحاصص الحالي هو نفسه الذي تم اعتماده في السنوات الثلاثين الأخيرة، في حين أن الوضع الاستثنائي يتطلّب موقفاً شجاعاً يفرض التوجّه نحو تشكيل حكومةٍ من أخصائيين نزيهين، بعيداً عن تقاسم الوزارات والمقاعد، وإلّا فالنتيجة ستكون مشابهة لنتائج الحكومات السابقة".

وفي اتّصال مع جريدة "الأنباء" الالكترونية، أكد نصّار أن "صفة الاختصاصي وحدها لا تكفي، بل المطلوب توزير أشخاص ومنحهم الحرية في إدارة وزاراتهم، بعيداً عن الولاءات الحزبية. والتجارب تشهد، فرغم توزير أخصائيين في وزارة الطاقة في وقت سابق، إلّا أن اتّخاذ القرارات كان يعود إلى مرجعياتهم".

ولفت نصّار إلى أن، "عملية تشكيل الحكومة، حسب ما نصّ الدستور، هي مهمة رئيسَي الجمهورية والمكلّف حصراً، وليست مهمة الأصهر. فالرئيس المكلّف ليس صندوق بريد، والمطلوب الالتزام ببنود الطائف، كما وتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات".

من جهته، رأى عضو كتلة "التنمية والتحرير"، ميشال موسى، أن "المراوحة القاتلة هي سيّدة الموقف الحكومي في ظل الخلافات السياسية التي ينطوي تحتها الخلاف على الحصص"، معتبراً أن "ظروف العرقلة بغالبيتها داخلية. ورغم تأثّر لبنان بالظروف الخارجية، إلّا أنه ليس للأخيرة دوراً إلى حد وقف عملية التشكيل".

وفي حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، أكّد موسى، "ضرورة حلحلة العقد المذكورة، وتأليف حكومة تدير البلاد، وتتوجه نحو الإصلاح في ظل الظروف الراهنة". 

أما في ملف الدعم، والذي بات يشكل هاجساً يلاحق المواطنين، لما لرفِعه دون أي إجراء موازٍ من تبعات كارثية على الطبقات الاجتماعية الفقيرة، أكّد عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي"، فيصل الصايغ، أن "اقتراحات الحزب التقدمي الإشتراكي في الملف المذكور هي الأكثر عملانية، والأقرب إلى التنفيذ، بعيداً عن الشعبوية"، لافتاً إلى أن "الخطة المُطبّقة حالياً لا تستهدف الفقراء سوى بنسبة 20%، فيما يستفيد منها التجار، والمستوردون، والمحتكرون، والمهرّبون، بينما الهدف المنشود هو رفع نسبة استفادة المستحقين إلى 90%، وهو أمر قابل للتحقيق وفق خطة التقدمي".

وأشار الصايغ إلى أن، "خطة الحزب تتضمن إقتراحات عملية يمكن تطبيقها فوراً بالنسبة لمختلف الوزارات المتعلقة مباشرةً بالدعم، من الاقتصاد إلى الطاقة وغيرها، كما ومشاريع قوانين تحتاج إلى إقرارها في مجلس النواب بسرعة، بحكم حالة الطوارئ".

وحول احتمالية رفع الدعم وإعطاء البطاقات التمويلية كبديل، أشار الصايغ إلى أن "الترشيد هو الخطوة الأولى حالياً، على أن يكون تحضيراً للإحتمال المذكور، إذ أن توزيع البطاقات يحتاج إلى النقد، الأمر الذي يمكن أن يتوفر فور تشكيل حكومة جديدة ومفاوضتها صندوق النقد".

في السياق نفسه، أشارت معلومات "الأنباء" إلى أن، "المصرف المركزي عقد اجتماعاً أمس، وهو يعقد اجتماعات دورية لبحث ملف الدعم، لكن اتّخاذ القرارات يحتاج إلى توافق جميع الأفرقاء، ومشاركة الحكومة، ووضعها خطة بديلة لتغيير سياسة الدعم الحالية، إذ عليها مسؤوليات يجب أن تتحملها، خصوصاً وأن التجربة السابقة غير مشجّعة".

كما أشارت المعلومات إلى اجتماعٍ سيُعقد في السراي الحكومي يوم الإثنين حول موضوع الدعم.