لم يعد هناك خيار متاح في استمرار الدعم، فإمكانيات المصرف المركزي لامست حدود الاحتياط الإلزامي بالعملات الأجنبية، في ظل غياب أي مداخيل للدولة اللبنانية وتوقف العجلة الاقتصادية وتراجع النمو الى معدلات كارثية. أما الحلول المطروحة فلا تتعدى اقتراحات ترشيد الدعم التي تقدم بها وحده دون سواه من القوى السياسية، الحزب التقدمي الاشتراكي، والذي حتى الساعة لم يلقَ جواباً رسمياً، لا بل فوجئ اللبنانيون بما تسرّب عن نية لخفض الاحتياط الالزامي، ما يعني بشكل مباشر مدّ اليد على أموال الناس، بدلا من تلقف الاقتراحات العملية التي من شأنها إطالة أمد الدعم قدر الامكان دون التعرض لما بقي من الودائع.

في هذا السياق، يؤكد نائب حاكم مصرف لبنان السابق الدكتور غسان العياش في حديث إلى جريدة "الانباء" الالكترونية أنه خلافًا للآراء الشائعة والمتداولة عن استعمال الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان، فإن الخطر والكارثة وقعا أساساً قبل التفكير باستعمال الاحتياطي الالزامي.

وأضاف العياش: "إن ايداعات المصارف في المصرف المركزي لا تقلّ عن 80 مليار دولار بالعملات الأجنبية بينها حوالي 17 ملياراً عبارة عن احتياطي الالزامي. وقد تصرّف مصرف لبنان بمعظم هذه الايداعات ولم يبق تقريباً الا الاحتياطي الالزامي، فالكارثة إذاً وقعت". وهذا الكلام يؤكد ان الاحتياطي الإلزامي هو آخر ما بقي من أموال المودعين.

وردا على سؤال عن مصير الودائع، أجاب العياش: "هذه الأموال استقطبها مصرف لبنان عبر تقديم الفوائد العالية كمغريات واستعملها للتدخل في سوق القطع دفاعاً عن سعر صرف الليرة اللبنانية، لذلك فإن استعادة هذه الأموال مستحيل لأنها بيعت لآلاف المتعاملين الراغبين بتحويل أموالهم إلى الدولار أو للاستيراد او لأي سبب مشابه".

وعن طرح الحزب التقدمي الاشتراكي المتعلق بوضع خطة لتخفيض الدعم، رأى العياش أن "الحزب التقدّمي الاشتراكي سلّط باقتراحه الضوء على موضوع مهمّ وهو أن الدعم بصيغته الراهنة لا يستفيد منه الفقراء فقط بل الاغنياء قبل الفقراء"، موضحاً أن "الدعم حالياً نوعان، هناك دعم مباشر من الموازنة معظمه للكهرباء ويستفيد منه المستهلكون بصرف النظر عن اوضاعهم المادية، أما النوع الثاني من الدعم فهو دعم سعر الصرف ويخصص بصورة اساسية لدعم استيراد الدواء والقمح والمحروقات.  هذا الدعم بدوره يستفيد منه كل اللبنانيين".

وختم قائلاً: "لذلك فإن اقتراح الحزب يأتي في موقعه ووقته. اذ يجب وضع نظام للدعم يجعل الاستفادة منه مقتصرة على الفقراء فقط".