يتخبّط القرار المالي الرسمي في ظل غياب رؤية واضحة تستشرف مستقبل البلد وتسمح بوضع أسس عملية للخروج من الأزمة، وما الحديث عن احتمال خفض الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان إلا صورة عن هذه الفوضى التي يعيشها البلد وغياب القرار الجريء حول سبل المعالجة.
مفوض الحكومة لدى مجلس الانماء والاعمار الاستاذ الجامعي الدكتور وليد صافي أوضح أن "الاحتياطي الالزامي بحسب قانون النقد والتسليف يشكل 15% من الودائع المصرفية. وبحوزة مصرف لبنان حالياً احتياطي الزامي بنحو 17 مليار دولار موجودة خارج لبنان، والقانون حدد وجهة استعمال هذا الاحتياطي فقط لمواجهة الضغوط التي قد تتعرض لها المصارف لا سيما في ارتفاع الطلب على سحب الودائع".
وقال صافي في حديث لجريدة "الأنباء الالكترونية" إن "هذا الاحتياطي الالزامي الذي فرضه قانون النقد والتسليف والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان، يشكل نسبة من الودائع المصرفية، والتصرف بها لغير الغاية التي حددها القانون يشكل مخالفة جزائية واعتداء على حقوق المودعين، لذلك لا يملك مصرف لبنان أية أسس قانونية لاستخدام جزء من الاحتياطي الالزامي لتغطية كلفة الدعم بأي ناحية من نواحيه، وما طُرح من درس بعض الأطر لاستخدامه يشكل مخاطر قد تطيح بما تبقى من القطاع المصرفي والودائع. واذا كانت هناك من نية لدى المجلس المركزي لمصرف لبنان بتخفيض نسبة الدعم، عندها، القانون يلزم مصرف لبنان بإعادة هذه الأموال الى المصارف، والأحرى بهذه الأخيرة استخدامها في تلبية السحوبات على الودائع، أو في تلبية حاجات تطبيق قانون الدولار الطالبي".
ورأى صافي انه "يبدو أن سياسة شراء الوقت والمكابرة ما زالت مستمرة على حساب المودعين، حيث تكلف سياسة الدعم حوالي عشرة مليارات دولار سنويًا، يذهب منها ما يفوق اربعة مليارات الى جيوب المحتكرين من التجار والى شبكات التهريب التي ترعاها الفرقة الرابعة في النظام السوري ومن يسيطر في لبنان على الاقتصاد الموازي المتفلت من اية قيود او رقابة او دفع ضرائب. لذلك فإن مصالح المافيات الكبرى التي تستفيد من هذا الدعم تقف وراء عدم الاستجابة لطرح الحزب التقدمي الاشتراكي في ترشيد الدعم وتوجيهه نحو اهدافه التي تصب في مصلحة الفقراء وذوي الدخل المحدود من القطاعات كافة".
ولفت صافي الى انه "لا يوجد أي حل عقلاني في مواجهة تراجع قدرة مصرف لبنان على تغطية الدعم سوى الاقرار من جهة بترشيد الدعم في كافة نواحيه والبحث عن التمويل من خارج بدعة الاحتياطي الالزامي، ومن جهة ثانية التنسيق مع البنك الدولي للاستفادة من برامجه العديدة لمواجهة ارتفاع معدلات الفقر والاستفادة أيضاً من الاموال التي تقوم بضخها مجموعة العشرين لمواجهة تداعيات COVID 19 وتراجع اقتصادات الدول خصوصًا الدول النامية".
وختم بالقول: "اذا استمر التفتيش عن حلول تخديرية وعلى حساب المودعين في إطار سياسة شراء الوقت، فإن هذا الامر سيؤدي لاحقًا الى انهيار ما تبقى من قطاع المصارف وإلى الدخول في فوضى اجتماعية تهدد الاستقرار".