Advertise here

عام على كورونا.. دروس وعبر

27 تشرين الثاني 2020 12:17:31

يوشك العالم على استقبال سنةٍ جديدة، لكن هذه المرة ليس البشر فقط سوف يحتفلون بمرور عام! بل هو الفيروس، الذي قوّض العالم وأرعب جميع سكان هذا الكوكب من البشر، سوف يحيي عيده السنوي أيضاً.

قرابة السنة مرّت على الشعوب، وهناك من كان الحجْر الصحي بمثابة إجازةٍ له. وهناك مَن كان يعاني من أجل أن يعود إلى العمل، ومنهم من صارع للبقاء على قيد الحياة، ومنهم من ذهب.

الدول الأوروبية، على سبيل المثال، نجحت بالسيطرة على الوباء بين شعوبها عبر المنطق والقانون. أمّا الدول الخليجية فقد نجحت باحتواء الشعب عبر التعويض عليه، علماً أن الإصابات الجديدة في العالم لم تتوقف يوماً. 

قرابة السنة ونحن في مواجهة، أو بالأحرى، تجنّب مواجهة هذا الوباء الفتّاك في لُبنان. خسرنا أقرباء وأحباء، وزاد حبّنا لمن خرج متعافياً منتصراً من غرفة الحجر. 

لا شكّ أن ما مرَّ بِه العالم بسبب هذا الوباء صعبٌ ومنهِك، لكن ما الذي تغيّر في عالمِنا؟! أصبحنا من دون عادات. فالفرح والكَرَه لم تعد مناسبات للوقوف إلى جانب الأحبة، بل أصبحا مكاناً من الخطر التواجد فيه، فنكتفي برسالة وتحية. وأصبحت الزيارات تقتصر على الحلقة الضيّقة للشخص، وأصبحنا نبتعد عَمَن يشعر بالمرض بدل أن نعتني بِه. أصبحنا نعتني أكثر بالنظافة الشخصية، ونبتعد قدر الإمكان عن جموع الناس. 

لم نعد نكتظ أمام المُحاسِب، وأصبحنا نضع مسافات بيننا عند بوابات الانتظار. أصبحنا نقف بالطابور، وننتظر دورنا، ولم يعد هناك من يصعد على متن حافلة ولا يجد مكاناً للجلوس! أصبحت ورش أعمالِنا كما مدارس أطفالِنا في البيوت، وتحوّلت الشركات إلى صفحات على مراكز التواصل الإجتماعي! 
أصبحنا ندقّق بكل شيء، وبأي شيء... 

تعلّمنا كيف نستفيد من التكنولوجيا بكل ما للكلمة من معنى، وتغيّرت تقاليدُنا وعاداتنا العربية.

بعد مرور سنةٍ تقريباً على الأزمة الصحية العالمية، هل ساهم هذا الوباء بتطوير الشعوب أم جعلها مجتمعات مشتتة؟! 

إن العالم العربي، بالأخص، يعاني من أوبئة مزمنة. أوبئة لطالما سبّبت الموت والدمار، لكنها أوبئة تجمع الناس لتقتل بعضها بعضاً، مثل الطائفية أو الأفكار الجهادية والتكفيرية. وكما يقول المثل مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ. فهل يا ترى تكون مصيبة العالم أجمع هي التي سوف تجمع العالم تحت شعارٍ ونظامٍ واحد!؟ 

هو وباء قاتل حقاً، لكن ربّما يكون درساً يعلّمنا بأننا متساوون جميعاً: الغنيّ والفقير الأبيض والأسمر والأسود والأحمر. المسلم، المسيحيٌ، اليهودي، البوذي، أو حتى الملحد!.. جميعنا متساوون وضعفاء، ولا نملك من القوة شيئاً أمام الطبيعة، وغضبها، وأمراضِها وكُل ما يرسله اللّه لنا. 

أصغر المخلوقات أقفلت العالم، وأرعبت البشر. عسى أن يعي الإنسان مقدار نفسه، ويعمل للحفاظ على الأرض، لا من أجل انتقاء ما يعجبنا من الدنيا.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".