Advertise here

بشهادة المسجد الأقصى

06 آذار 2019 07:25:00 - آخر تحديث: 06 آذار 2019 13:22:08

عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع بداية عهده وعده الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قامت ضجة عربية محدودة الصدى والتأثير، وتمهلت عواصم الدول الكبرى بإعلان موقفها، ومع مرور الوقت كانت اسرائيل قد باشرت الإجراءات للإنتقال الى بيت أوراشليم، حيث الوعد "الأزلي".

وكان لا بد من تلك الضجة العربية بالإستنكار، وكان لابد من سلسلة مواقف تحذر من عاقبة تطبيق ذلك الوعد – القرار الذي أعلنه رئيس اميركي لا ينقصه لتثبيت صهيونيته إلا اعتمار القلنسوة اليهودية في البيت الأبيض والمداومة على الحضور في الكنيست.

لكن القدس تظل مهددة بالحكم الصهيوني، فحسب العقيدة اليهودية "ما دامت اوراشليم خارج السيطرة الكاملة تكون اسرائيل خارج الحياة والوجود"!.
وليس ترامب اول رئيس أميركي يقطع عهدا لإسرائيل بأن يكون على رأس حراسها. وليس بنيامين نتانياهو هو أول رئيس حكومة اسرائيلي يأتي الى "الكنيست" ببرنامج حرب على الفلسطينيين بدءا من القدس. لكنه أوقح مجرم حرب عرفته الأجيال الفلسطينية والعربية خلال عقدين من الزمن، وله أمام المحكمة الإسرائيلية (محكمته) "أوسخ ملف" تشاركه فيه زوجته "سارة". وفي احدى جلسات استجوابه مع زوجته كانت هتافات معارضيه خارج المحكمة تطالب بإعتقاله.

حاليا تتجدد الحملة الإسرائيلية على المسجد الأقصى مع صدور قرار الإدارة الأميركية بإغلاق مقر قنصليتها في القدس لتندمج في جهاز السفارة التي انتقلت الى المدينة المقدسة بقرار من ترامب، وهو القرار "الصعب" الذي إمتنع الرؤساء الأميركيون السابقون عن اتخاذه، وكان بينهم من لا تنقصه "الهوية الإسرائيلية".

ومع تنفيذ هذا القرار الأميركي تبدأ القدس (عاصمة فلسطين) مرحلة جديدة من التنكيل بأهلها الصامدين فيها، بدءا من وزير شؤون القدس عدنان الحسيني، وهو عضو مجلس الأوقاف في المدينة، وقد جرى إبعاده أمس (الثلاثاء) حتى يوم الثلاثاء المقبل للتحقيق معه في ملف إتهامات ملفقة، وكانت الإعتقالات التعسفية شملت ايضا رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس القديمة عبد العظيم سلهب وهو ممثل أعلى هيئة دينية في المدينة.

ومع هذه الإجراءات التي تستهدف المدينة وأركانها في الإدارة المدنية، تستعاد من الذاكرة صورة مجموعة من فتوّة القدس في باحة المسجد الأقصى.
كانوا ستة فتيان يتخذون وقفة تأهب، وأمامهم كومة حجارة إستعدادا للمواجهة مع جنود الإحتلال، ولم يتأخر هؤلاء بالحضور محصنين بدروعهم، فضربوا طوقا حول الفتية، وأنذروهم بالإستسلام، فردوا عليهم بالحجارة.. ولم يتأخر الجنود بإطلاق النار فسقط أحد الفتية شهيدا..
وكانت كاميرا التلفزيون تنقل المشهد مباشرة من باحة المسجد الأقصى، وظهر الفتى الشهيد مسجّى على بلاط الحرم القدسي وذراعاه منبسطتان، وكأنه يمثل مشهد المسيح المصلوب، فيما رفاقه يتابعون رشق العدو بالحجارة من بُعد..
وإذ نفذت كومة الحجارة توقف الفتية ليلتفوا حول رفيقهم الشهيد، وكان دمه يسيل من جبينه ومن صدره، وقد تشكلت على جانبيه بقعة حمراء واسعة، وظهر الفتية في المشهد وهم ينظرون الى الشهيد، ثم يتبادلون النظرات وكأنهم يتساءلون: ما العمل؟
...ثم تحرك أحدهم، وكان أصغرهم، فخلع قميصه وإنحنى فقبل جبين الرفيق الشهيد.. وإذ استقام واقفا، منتصب القامة، كما الرفاق، تقدم جنود العدو، فكبلوهم وأخذوهم أسرى وهم يصرخون بصوت الرجولة: فداك فلسطين.