المشهد السياسي اللبناني بعيد كل البعد عن المنطق والضمير. ونحن نشهد انفجارات أخطر من تلك التي عايشناها بعد سنة 2005، الفارق أنّها انفجارات اقتصادية ومعيشية، فيما مَن يتحكّم بزمام الأمور لا يحرّك ساكناً، ولا يُقدم على خطوة إلى الأمام.
سياسة راوح مكانك هي السائدة اليوم. لم نخرج أبداً من براثن حكومة الذئاب! بل تغيّر المسمّى إلى حكومة تصريف أعمال، تقوم بما كانت تقوم به، من دون القدرة على مطالبتها أو محاسبتها، والأخطاء باتت لا تعدُّ ولا تحصى، وكلها تنتقص من رصيد حياة المواطن.
يبني من هُم في السلطة آمالهم على كل شيء خارج الحدود، حسب محور التحالفات والمصالح. يلتحقون بما يدور في الدول العظمى ومواقفها، وتأثيرها على مصالحهم، ومن ثمّ يقرّرون في شؤون البلاد، والتي غالباً ما تكون شؤونهم الخاصة.
تصرّفات المجموعة الحاكمة واضحة في درجة الاشمئزاز، اما السيادة لم تعد تليق بجمهورية لبنان. اليوم أكثر من نصف الشعب يقبع تحت خط الفقر، وأكثر من نصف الشعب لم يعد قادراً على مزاولة الحياة كما عرفها!
وإضافة الى أن الشرخ الطائفي كبير بين أبناء الوطن الواحد، أتى الوضع الاقتصادي ليزيد الاختلاف اختلافاً. فأصبحنا طبقات متباعدة جداً بقدر تباعد رفوف المتاجر وأسعارِها عن قدرة الفقير للحصول على حاجياته منها! هذا، ولم ندخل بعد في "ثقب" الدولار الأسود، وعصابات الدواء، وقنبلة الكورونا الموقوتة، وكلّ هذه الصعوبات تطلق لنفسها العنان، ونحن في أول فصل الشتاء. وترى أنّ جماعة الحكم يتصرّفون وكأن شيئاً لم يكن. يتناتش بعضهم تأليف حكومة "مستقلّين" وحقيقة هم يسعون للسيطرة على وزارات كانت السبب الأساسي لتضخّم الدين العام.
لا تزال تسعى جماعة الحكم لإنتاج نفسها من جديد، ومحاربة أخصامها، عبر مؤسّسات كانت وستبقى، لجميع المواطنين. وتخوض حروباً ضد أشباح. وتسعى لانتصارات وهميةٍ، وتتاجر بالأرض والمواطنين. فما نفع ان يكونوا في موقع القرار إذا كانت كل القرارات تأتينا من الخارج؟
لكن يبقى في الوطن وطنيّون تقطعت أوتار حناجرهم وهم يكرّرون مطالبتهم بتحسين الأداء والإلتزام بالدستور، ولا يزالون يتقدّمون الخطط للأفضل، وطرق التطوير لبناء دولة يعيش حكّامها في كوكب آخر لم ولن يسمعوا أصوات التغيير من حناجر متعبة.