Advertise here

عنادٌ سياسي يودي بأصحابه والبلاد نحو الهلاك... والموفد الفرنسي يسحب آخر أوراق ماكرون

12 تشرين الثاني 2020 05:39:00 - آخر تحديث: 14 تشرين الثاني 2020 05:52:21

البلاد تعيش "من قلة الموت". لا شيء يوحي بإيجابية حكومية. أما الإقفال الصحي المطلوب والمنتظر يوم السبت، فالأجهزة المعنيّة لم تتوصّل بعد إلى آلية موحّدة حيال تطبيقه، والاستثناءات تكاد تقارب عدم الإقفال. وبين هذه وتلك، تتواصل أزمات اللبنانيين، فالدعم بأفضل حال قد يصمد حتى مطلع السنة، ومن بعده طوفان الغلاء القاتل. أما السيولة فتنضب تدريجياً، وكل شيء على حافة الاندثار، وفي غمرة كل ذلك أهل الحُكم يعيشون في عالم آخر من العناد الذي يودي بصاحبه إلى الهلاك.

في هذا الخضم وصل ليل أمس مستشار الرئيس الفرنسي، باتريك دوريل، في زيارة تبدو كأنها آخر أوراق إيمانويل ماكرون الذي ضاق ذرعاً بعدم اهتمام المسؤولين المعنيين في لبنان ببلادهم. وسيبدأ دوريل اتصالاته مع المسؤولين والقوى السياسية اللبنانية لمعرفة الأسباب التي تؤخر التأليف حتى الآن.

مصادر مطلعة كشفت لجريدة "الأنباء" أن دوريل يزور لبنان في مهمةٍ محددة يبدأها بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري للاطّلاع منهما على أجواء الاتصالات لتشكيل الحكومة بموجب المبادرة الفرنسية وحقيقة العراقيل التي تواجهها، وما اذا كانت هذه المبادرة ما زالت حيّة أم جرى تخطّيها بسبب العقد التي ظهرت مؤخراً وأدّت إلى تأخير التشكيل، وإمكانية المساعدة على حلحلة هذه العقد خاصة بعد تراجع بعض القوى عن مطلب حكومة الاختصاصيين لصالح حكومة محاصصة، والخلاف الظاهر على بعض الحقائب الوزارية.

الأمر الآخر يتمثل بإبلاغ المعنيين بأن تأخير التأليف سيؤخر انعقاد المؤتمر الاقتصادي الذي وعد به الرئيس إيمانويل ماكرون في أواخر تشرين الثاني الجاري لدعم لبنان مالياً واقتصادياً، هذا اذا لم يتم إلغاؤه بالكامل، ما يعني التخلي الفرنسي عن دعم لبنان.

الأمر الثالث، ودائماً بحسب المصادر، هو التأكيد على الزيارة التي سيقوم بها ماكرون إلى لبنان عشية عيد الميلاد للذهاب إلى الجنوب للاحتفال بالعيد مع الجنود الفرنسيين العاملين في نطاق "اليونيفيل"، إذ في حال تشكلت الحكومة قبل هذا التاريخ سيكون لماكرون لقاءات مع المسؤولين والقيادات السياسية المحلية، وفي حال لم تتشكّل سيكتفي بزيارة كتيبة بلاده.

المصادر أشارت إلى أن المبعوث الفرنسي سيلتقي بالإضافة إلى الرؤساء الثلاثة عون، والحريري، ونبيه بري، عدداً من القوى والأحزاب السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، متوقعة أن يكون للزيارة تأثير على المسار الحكومي، وتحريك المياه الراكدة. 

وفيما أشار الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، إلى أن الأمور بين عون والحريري تحتاج إلى مزيد من التشاور، أكّدت مصادر مراقِبة عبر "الأنباء" هذا الأمر، وأن "لا اتفاق بينهما بعد في ظل طروحات متناقضة لكل منهما، واللقاءات بينهما تنتهي من دون أن تسفر عن أي نتيجة، والاتفاق الوحيد هو بنهاية كل لقاء على استئناف اللقاءات والاتصالات".

وفيما سُجّل لقاء مساءً بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط قاربا فيه مختلف الملفات المطروحة، لفتت مصادر عين التينة عبر "الأنباء" إلى انزعاج بري من تأخير التأليف، "لأن البلد أحوج ما يكون إلى حكومة قادرة على أن تؤمّن للبنان بعض المساعدات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار والبدء بالاصلاحات"، مؤكّدة التمسّك بالمبادرة الفرنسية.


مصادر "المستقبل" أكّدت عبر "الأنباء" أن، "الرئيس المكلّف لم يرضخ لشروط المحاصصة، وإذا كانوا مرتاحين لعدم تشكيل الحكومة فهنيئاً لهم بهذا الإنجاز الكبير"، معتبرةً أنّ زيارة الموفد الفرنسي، "دليل على مدى اهتمام الرئيس الفرنسي بلبنان رغم كل ما جرى في فرنسا من أعمال إرهابية وعودة تفشي كورونا، حيث أثبت أنه صديق وفيّ للبنان، لكن بعض القوى السياسية الفاعلة في البلد لا تشاطر ماكرون هذا الشعور، وحبّذا لو تُترجم أقوالها ووعودها، ولو لمرّة، إلى أفعال". 

في هذه الأثناء، أكّد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في حديثٍ لجريدة "الأنباء" ما سبق وكشفه في تصريح لافتٍ أمس عن، "توافق الرئيسين عون والحريري على حجم الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية"، لكنه لم يكشف التفاصيل حول كيفية توزيع الحقائب، مشيراً إلى أنه في حال تمّت المداورة فعلياً تكون الداخلية من حصة الروم الأرثوذكس، والخارجية للسنّة أو للدروز، والمالية للشيعة، والدفاع للموارنة. أمّا وزارة الطاقة فلم يُحسم أمرها بعد أسوةً بباقي الوزارات".

من جهةٍ أخرى، وعلى خط ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، فإن المسار لا يبدو سهلاً على الإطلاق مع ظهور نقاط جديدة تزيد من تعقيد التفاوض. وقد أشارت مصادر مطلعة عبر "الأنباء" نقلاً عن مراقبي الأمم المتحدة المشاركين في المفاوضات إلى أن جلسة الأمس، "اتّسمت بالجديّة، وعدم التراخي من قِبل الوفد اللبناني، الذي أظهر قدرة عالية تستند إلى الوقائع العلمية في ردّه على مناورات الجانب الإسرائيلي". ولفتت المصادر إلى، "خرائط تُظهر الحدود العائدة إلى العامَين 1923 و1943، والتي أظهرت أن المساحة المختلف عليها هي غير ما كان متعارفاً عليها، وقد شدّد الوفد اللبناني على أن يكون الحد الفاصل هو محطة القطار، وليس الصخرة الموجودة قبالة الشاطئ اللبناني، كما تدّعي إسرائيل".

المصادر أكّدت أن، "لا تغيير ببرنامج المفاوضات بعد الانتخابات الأميركية، ووزارة الخارجية الأميركية تراقب عن كثب مجريات الجلسات الحاصلة. وما تحديد الثاني من كانون الأول كموعدٍ للجلسة المقبلة إلّا الدليل على جديّة هذه المفاوضات واستمرارها".