Advertise here

علاقة "التيار" بحزب الله ما بعد العقوبات... الغطاء المسيحي انتهى

09 تشرين الثاني 2020 11:59:11

حاول رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل أن يرد التهم الموجهة إليه. استخدم عناصر ومقومات كثيرة للدفاع عن نفسه، معتبراً أنه يتعرض لحرب كونية. في هذه المعركة التي اختار باسيل خوضها، استخدم سلاح تخويف المسيحيين مجدداً، رابطاً مصير مسيحيي لبنان والشرق بشخصه ونفسه وسياساته، راهن على العلاقة العميقة مع حزب الله والتي لا يمكن إفسادها او الإنقلاب عليها، بينما برر لنفسه الإنقلاب على كل القوى السياسية الأخرى سواء كانت مسيحية أم درزية أم سنية. تلك مشكلة باسيل والتي أوصلته إلى ما وصل إليه هو محاولاته المستمر لكسر التوازنات، فكسرته العقوبات. هو يراهن على أي اتفاق أميركي إيراني جديد يعيد إحياء وضعيته السياسية، ولكن الأصح أن أي اتفاق إيراني أميركي لن يكون على جدول أعماله باسيل، إنما حزب الله وسلاحه ومستقبل المنطقة.

سيجد باسيل نفسه مرتمياً اكثر في حضن حزب الله، سيكون الحزب وفياً له وحاضناً، ولكن سرّ العلاقة بين الطرفين، تعود إلى الغطاء الذي كان يوفره باسيل وعون داخلياً وخارجياً وما يتمتعان به من علاقات، اليوم كل هذه الميزات انتهت، هذا التحول بدأ منذ ثورة 17 تشرين، والتدهور الكامل للحالة السياسية العونية وخصوصاً باسيل، وما بعد العقوبات ستسوء الحال أكثر، خصوصاً أنه سيتراجع أكثر مسيحياً ودولياً، وبالتالي لن يوفر للحزب أي غطاء. في المقابل سيرد حزب الله الجميل لباسيل في ملف تشكيل الحكومة، وتؤكد المعلومات أن حزب الله يتفهم كل مطالب باسيل وعون الحكومية، وسيتمسك بدعم مطالبهما، ما سيصعب المهمة على الرئيس سعد الحريري. لذلك رفع رئيس التيار الوطني الحرّ سقف المواجهة السياسية في عملية تشكيل الحكومة، وقال إنه يمسك بمفاتيح عملية التأليف.

هنا لا بد من الإشارة إلى انه عندما عاد عون إلى لبنان، عاد بتسوية دولية وكان الأميركيون من أهم الناسجين لها، واستناداً عليها وقعت وثيقة التفاهم مع حزب الله، وثيقة استفاد منها الحزب لكسر العزلة، اليوم لم يعد باسيل قادراً على كسر عزلة الحزب، إنما سيتحول إلى عبء عليه، وتداعيات هذا العبء ستظهر مستقبلاً، ذلك لا يعني أن حزب الله سيتخلى عن دعم الرجل، لكن أساس العلاقة سيتغير، لأن المزيد من الضعف سيصيبه، التشققات لن تطال فقط البيئة المسيحية، إنما أيضاً بيئة التيار العوني ونواب في تكتل لبنان القوي.

وما يؤكد أن باسيل تلقى ضربة قوية، ستكون تداعياتها كبيرة مستقبلاً، هو عدم إتيان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى اتخاذ موقف تجاهه، ولا التعليق على قرار فرض عقوبات عليه. هذا وحده يشكل رسالة سياسية واضحة لا بد من الوقوف عندها لدى المسيحيين ومسؤولي التيار العوني. بحال تم استكمال مسار العقوبات الأميركية، ستعبر عن استراتيجية ذات بعدين، البعد الاول روحية التغيير السياسي أو تهشيم بعض الشخصيات السياسية التي لم تحافظ على التوازنات، والبعد الثاني هو إسقاط منطق الرؤساء الأقوياء، والذهاب إلى خيارات متوازنة وهادئة.