Advertise here

لولا روسيا... لهلكت سوريا!

04 آذار 2019 07:25:00 - آخر تحديث: 04 آذار 2019 14:06:51

...والمقصود "سوريا النظام".
ولولا الرئيس فلاديمير بوتين لكان النظام السوري ذهب بقيادته واركانه إلى المجهول منذ سنوات.

لكن المصالح الاستراتيجية للدولة الروسية العظمى وضعت سوريا في مرتبة "جمهورية" مضافة إلى الامبراطورية المتمددة على أطراف القارة الآسيوية.

ولقد جمعت المصالح ما فرقته الجغرافيا، فالرئيس بوتين عندما يزور قاعدة طرطوس البحرية – الجوية – الحربية، يجد الرئيس السوري في استقباله بين ضباط وأركان القاعدة الروس، فيصافحه كما يصافح ضباطه، ثم يتابع تقدمه نحو دائرة الأركان.

لكن الرئيس بوتين يبقى القطب الدولي الوحيد على الساحة السورية، فقادة الحلف الاطلسي لهم أدوارهم، سواء بالقرار، أو بالحضور عبر الاركان العسكريين، وفرق المخابرات، وبالجيوش وقواعد الاساطيل الجوية والبحرية.

يقول النظام السوري في منشوراته عن الوجود العسكري الروسي في القواعد البحرية، والجوية، والأرضية: "كلما تعزز هذا الوجود في منطقتنا كان ذلك ضمانة للاستقرار".
أما الشكر والتنويه فيذهب إلى الدور الذي تلعبه روسيا في الاستقرار الإقليمي والعالمي...

ولا يخفى المردود على روسيا التي تستحق. فهناك إتفاقية مهمة وإستراتيجية مع موسكو للتنقيب عن النفط قبالة الشاطئ السوري، وثمة تقديرات لوجود نحو ملياري ونصف مليار برميل نفط، ونحو تريليون متر مكعب من الغاز.

طبعاً، هذه الثروة الاستراتيجية الموعودة تجعل من سورية "دولة عظمى" في المنطقة، وبالتأكيد جميع الشعوب العربية وقياداتها ترحب، وتتمنى، أن تظهر هذه النعمة على سطح الأرض في أقرب وقت، ولكن ليس بوجود النظام العسكري الذي ملأ سورية شعارات وخطباً ومناورات ومخابرات.

ويكفي سورية والعالم العربي ما جاء به نظامها وما إستجلب من العصابات ومنظمات التكفير، والقتل والافساد في المدن والارياف حيث انتشرت جحافل جاءت بأسلحتها، وغرف عملياتها، وعديدها وقياداتها التي أنشأت "دويلات" ما تزال تتحكم بمصير مناطق وأرياف، ومئات الالوف من المواطنين المغلوبين على أمرهم، وخصوصاً النساء، والأطفال، وقد فقدت سورية نخباً من الشهداء والضحايا، والأفظع من ذلك أن معظم قادة تلك العصابات غادروا سورية مع جحافلهم برعاية وضمانات دولية.

يزيد الوضع مرارة وخطورة ان معظم القيادات الوطنية – العربية القومية السورية، التي ساهمت الى حد كبير في إشعال الثورة على النظام، لم تصمد على دعوتها وقضيتها، بل إختلفت على المناصب، والألقاب، والمسؤوليات، والواردات، والمخصصات، فانقسمت وتنازعت، فاستقال من استقال، وإعتكف من إعتكف، وهاجر من هاجر، وبقي من اتخذ قراره بالصمود، وإن على مسافة من منطقته وأهله، أو على مسافة من جنيف، حيث لا يزال المجتمع الدولي بانتظار مبادرة جديدة تحيي ذلك المؤتمر الذي استهلك على مدى ثمان سنوات، حتى اليوم، وقد استقال ممثل الامم المتحدة الاول العربي الاخضر الابراهيمي، وجاء بعده ستيفان دي ميستورا، ثم جاء من يخلفه بسهولة.

...وأخيراً، بعد ذلك المسلسل الطويل من الدمار، والتشرد، (نحو سبعة ملايين سوري)... وبعد نحو مليون شهيد، ومئات ألوف المعوقين، ونحو 200 ألف مفقود، فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المجتمع الدولي قبل أيام، باطلاق فكرة تشكيل "آلية دولية" لتطبيع الاوضاع في سورية، على ان يتبعها تشكيل مجموعة دولية لضمان إنسحاب القوات الاجنبية (القوات الروسية من ضمنها؟) وصولاً إلى تطبيع الوضع في سوريا، مع إعداد آليات للتسوية النهائية في البلاد مع دخول المحنة عامها التاسع.

ولعل أهمية المبادرة الأخيرة للرئيس بوتين هي أنها جاءت بعد يوم واحد من استقباله في الكرملين رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، ويُفهم من ذلك أن الرئيس الروسي أفسح في المجال لاشراك نتنياهو في مشروع الحل – التسوية للمحنة السورية ومعها إنهاء محنة فلسطين التي طالت سبعة عقود حتى هذا الزمن...

هل يعني كل ذلك ان الرئيس الروسي يسعى لاحياء مبادرة – خطة المملكة العربية السعودية التي طرحت في القمة العربية التي إستضافتها بيروت عام 2002، وفحواها قيام دولة فلسطينية على خريطة قرار الامم المتحدة عام 1948 مقابل الاعتراف بدولة اسرائيل بعد تنازلات وصولاً الى تسوية تاريخية لمحنة دامت ثلاثة أرباع القرن؟!

ولعل الاعجوبة التي تخفى على كثيرين هي ان اسم روسيا، كما اسم سوريا، يتألف كل منهما من خمسة أحرف هي عينها في الاسمين باللغتين العربية والروسية.
فهل هذه المصادفة قسط كبير من اهتمام الرئيس بوتين بسوريا، دولة وشعباً؟