Advertise here

في لحظة دولية حرجة... باريس تحذر بلسان موفدها إلى بيروت

04 آذار 2019 08:34:06


لعلّ الرسالة الفرنسية التي نقلها الموفد الفرنسي المكلف متابعة مندرجات مؤتمر سيدر، بيار دوكان، تمثّل الصرخة التي يحذّر منها بعض المسؤولين في لبنان. أصبح الوضع يحتّم الوقوف وقفة جدية لإنجاز الإصلاحات ومكافحة الفساد، لأجل الفوز بمقررات سيدر، من قبل الدول المانحة. لكن الكلام الذي قاله دوكان في المجالس الخاصة ولقاءاته مع سفراء الدول المانحة، كان أبلغ من كل الكلام الذي قيل، إذ إنه وجه انتقادات واضحة وصريحة للمسار الذي تسلكه الأمور في لبنان، معتبراً أن ليس هناك ما يوحي بجدّية لبنانية للتعاطي مع مستلزمات الإصلاح.

وقد عبّر دوكان عن خشية فرنسية من تكرار لبناني لتجربتي باريس 1 وباريس 2، اللتين ألزمتا لبنان بإقرار تشريعات وقوانين إصلاحية، لأجل الحصول على المساعدات، فعمل لبنان على إقرار هذه التشريعات وحصل على مساعدات المؤتمرين، لكن فيما بعد بقيت هذه القوانين في أدراج مجلس النواب ولم تطبق، وهذا ما يدفع الفرنسيين إلى إبداء التخوف من أن تتكرر نفس التصرفات، خاصة أن الجهات اللبنانية لم تبدِ جدّية في إنجاز التغيير النوعي على صعيد الإدارة.

بلا شك، إن الموقف الفرنسي يمثّل تطوراً بالنسبة إلى المواقف الدولية تجاه لبنان، خاصة أن فرنسا هي التي كانت من أكثر المتحمسين للتسوية الرئاسية ولتوفير الدعم الدولي لاستمرارها، كما كان لها الدور الفاعل في ولادة الحكومة الجديدة، لكنها لم تلمس جدية حتّى الآن حيال التعهدات التي قدّمها لبنان في مؤتمر سيدر، والأبرز أن التحذيرات الفرنسية تأتي في لحظة تصعيد دولي وإقليمي، ليس بعيداً منها التصنيف البريطاني المتعلّق بحزب الله واعتباره منظمة إرهابية بشقيه السياسي والعسكري، وعلى الرغم من أن فرنسا لم توافق على القرار البريطاني ورفضته، إلا أنها لن تكون بعيدة عن السياق السياسي المقبل.

وبحسب المعلومات، فإن لبنان تلقى العديد من الرسائل الدولية التي تتعلق بمؤتمر سيدر كما بغيره، وعلى رأسها ملف اللاجئين السوريين وإخراجه من سياق التجاذبات السياسية والمزايدات اليومية وإيجاد رؤية موحدة رسمية للتعاطي مع هذا الملف، وهذا ينسحب أيضاً على ملف العلاقة مع النظام السوري والالتزام بمقررات الجامعة العربية والمجتمع الدولي. وهذا ما سيعزز التعقيد السياسي اللبناني في المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء المؤشرات التي تفيد بأن هناك ضغطاً أميركياً سيزداد مستقبلاً لاستكمال وقف عمليات التطبيع مع النظام السوري. وبالتالي فإن مؤتمر سيدر سيكون ما بين فرعين أساسيين لتحقيق مندرجاته، الأول يتعلّق بالشق التقني حول الملفات الضرورية كالكهرباء، والنفايات والبنى التحتية. أما الثاني فيتعلق بالشق السياسي والذي يرتبط بشكل حتمي بالتطورات في المنطقة.