Advertise here

ماذا حمل كوشنر في جولته الأخيرة وما حقيقة الموقف السعودي؟

04 آذار 2019 08:00:00 - آخر تحديث: 04 آذار 2019 08:15:37

لم يحمل مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر في جولته الأخيرة الى المنطقة أي جديد، بشأن خطة السلام المرتقب أن يعلن عنها الرئيس الأميركي في نيسان المقبل، والتي يطلق عليها ترامب تسمية "صفقة القرن"، والتي تشير بعض تفاصيلها المسرّبة إلى أنها لن تحقق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني. وبالتالي لم ينجح كوشنر في تحقيق أي تقدم يذكر في إقناع قادة دول الخليج العربي بأفكاره، التي لخصها في حديث لسكاي نيوز عربية، والتي لم يأت خلالها على ذكر الدولة الفلسطينية، التي كانت في صلب جهود عملية السلام الأميركية في مؤتمر مدريد 1991. وعلى الرغم من قوله إنه يبني مقترحاته على"كثير من الجهود التي بذلت في الماضي بما في ذلك اتفاقات أوسلو".

وقال إن المقترحات الأميركية تشمل أيضاً "خطة سياسية شديدة التفصيل" و"تتناول في الحقيقة تعيين الحدود وحل قضايا الوضع النهائي"، وأوضح: "ما حاولنا فعله هو صياغة حلول تكون واقعية وعادلة لهذه القضايا في عام 2019، من شأنها أن تسمح للناس بعيش حياة أفضل".

قال كوشنر: "تركيزنا في الخطة يتجه نحو أربعة مبادئ، الأول هو الحرية، حيث نريد أن ينعم الناس بالحرية. حرية الفرص والدين والعبادة بغض النظر عن معتقداتهم، بالإضافة إلى الاحترام.

وتابع: "ينبغي أن تكون كرامة الناس مصانة وأن يحترموا بعضهم البعض ويستفيدوا من الفرص المتاحة لتحسين حياتهم من دون السماح لنزاعات الأجداد باختطاف مستقبل أطفالهم. وأخيرا، الأمن".

تحدث كوشنر عن تأثيرات الخطة السياسية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الاقتصاد في المنطقة، قائلاً: "لا أعتقد أن الأثر الاقتصادي للخطة سيقتصر على الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل سيشمل المنطقة برمتها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان".

وأضاف: "الخطة السياسية مفصلة جداً وتركز على ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائي، لكن الهدف من حل قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود. وإذا تمكنا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيدا عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحر للناس والسلع ويؤدي ذلك إلى إيجاد فرص جديدة".

وربط كوشنر في خطة السلام بين المسارين السياسي والاقتصادي، معتبراً أن الحد من التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين من شأنه "تحسين فرص الاقتصاد الفلسطيني الذي كان مقيداً في ظل غياب السلام".

كما أعرب عن أمله في تشكيل حكومة فلسطينية واحدة تجمع الضفة الغربية بقطاع غزة، مضيفاً: "يوجد فصل جغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لكننا نود أن نراهما موحدتين تحت قيادة واحدة تسمح للشعب الفلسطيني في أن يعيش الحياة التي يصبو إليها".

مصادر دبلوماسية خليجية متابعة لجولة المبعوث الأميركي قال لـ "الأنباء": "إن منهج كوشنر لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يحقق تقدماً على ما يبدو عن جولته السابقة في حزيران الماضي، إذ إنه ركز على مبادرات اقتصادية غذائية، على حساب اتفاق الأرض مقابل السلام الذي يعد محورياً بالنسبة للموقف العربي الرسمي".

وأوضحت المصادر "إن الخطة التي عرضها كوشنر، لم تأخذ في الاعتبار على ما يبدو المطالب العربية التي جرى إقرارها سابقاً بشأن وضع القدس وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ومصير المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، ولا بمبادئ مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية في عام 2002"، حيث سميت المبادرة التي أعلنتها القمة العربية التي عقدت في بيروت، بـ "مبادرة الملك عبدالله للسلام"، والتي تنص على "تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق مع الفلسطينيين على إقامة دولة مستقلة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967".

وكشفت المصادر أن "الأميركيين  لا يزالون في مرحلة عرض أفكار وسيناريوات متعددة، لكن لا يبدو أنهم توصلوا حتى الآن إلى عناصر نهائية للخطة".

وأضاف "هم يعلمون أن هناك أموراً تتعلق بالوضع النهائي غير مقبولة سواء بالنسبة للحلفاء في المنطقة أو الفلسطينيين"، في إشارة إلى الموقف السعودي والمصري والأردني.

وكان الملك سلمان بن عبد العزيز قد بدد مخاوف العرب من احتمال دعم السعودية لاتفاق أميركي ينحاز إلى إسرائيل، فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية. فالعاهل السعودي قدم تأكيدات خاصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن الرياض لن تقر أي خطة سلام لا تشمل وضع القدس أو حق العودة للاجئين، ولن تقبل بأي اتفاق لا يوافق عليه الفلسطينيون. وسبق للملك سلمان أن أطلق اسم (قمة القدس) على "قمة الظهران"، وقدم تبرعاً سخياً بـ150 مليون دولار للأوقاف الإسلامية في القدس، و50 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
 وفيما تنقل أوساط فلسطينية مقربة من الرئيس عباس ما يكرره خادم الحرمين الشريفين في المحافل العلنية والخاصة: "نحن مع الفلسطينيين، نقبل ما يقبلون، ونرفض ما يرفضون، نحن مع السلام والشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية كما هي، من الألف إلى الياء، وليس العكس".

سربت قناة إسرائيلية، قبل أيام وثيقة سرية "أكدت رفض خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، للأفكار التي تطرحها الإدارة الأميركية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمعروفة بـ"صفقة القرن"، والتطبيع مع إسرائيل قبل التوصل إلى حل يضمن حق الفلسطينيين في أرضهم وضرورة الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لها".

الموقف السعودي تعزز بموقف إسلامي جامع، حيث أكد "إعلان أبوظبي" في ختام أعمال الدورة الـ46 لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، على "مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية والموقف المتمثل في السعي نحو التوصل إلى حل شامل ودائم وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية."

وعلى الرغم من الانقسام الفلسطيني الذي تغذيه الصراعات الإقليمية في المنطقة، إضافة الى الدعم التركي والقطري والإيراني لحركة حماس التي ارتكبت قبل أيام خطأ استراتيجياً كبيراً حين تناولت الرئيس محمود عباس في حملتها "ارحل يا عباس"، التي لاقت ردة فعل عكسية في الشارع الفلسطيني في غزة، وانتقادات من القيادي السابق في الحركة خالد مشعل، فإن جميع القوى العربية الرسمية والشعبية، تحفظ للرئيس الفلسطيني محمود عباس صلابة موقفه، وشجاعته في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، حيث شكل رفضه استقبال المبعوث الأميركي منذ أعلن ترامب اعترافه بالقدس عاصمة إسرائيل في أيار 2017، وإصراره رفض مناقشة أي مخطط للسلام مع الولايات المتحدة، ما لم يتراجع البيت الأبيض عن مواقفه المنحازة للموقف الإسرائيلي المتطرف، لا سيما موقفه من يهودية الدولة، وتشريع المستوطنات، ومسألة القدس والأونروا، فإن موقف عباس والقيادة الفلسطينية، شكل حجر الخابية الصلب، الذي وفر للقادة العرب والأوروبيين فرصة معارضة التوجهات الأميركية الجديدة. وقد بدا ذلك واضحاً في نتائج قمة وارسو، وفي بيان القمة العربية - الأوروبية في شرم الشيخ، حيث أعلن المجتمعون رفضهم أي اتفاق لا يلحظ حل الدولتين، والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وحل قضية اللاجئين حسب قرارات الشرعية الدولية، خاصة القرار 194.