Advertise here

صار الوقت لنبني وطنًا نحيا لأجله

03 آذار 2019 10:30:00 - آخر تحديث: 04 آذار 2019 16:51:30

يطل علينا الإعلامي القدير مارسيل غانم بمخزونه الثقافي، وخبرته الحوارية المعهودة في برنامجه الحواري "صار الوقت"، يستقبل فيه مجموعة من الشخصيات ذوي الاختصاصات يناقشون فيه أهم وآخر المستجدات المحلية وما يدور من أحداث سياسية إقليمة وعالمية تؤثر على لبنان، والجديد في هذا البرنامج مداخلات الجمهور المتواجد في الاستديو والحوار بينهم وبين الشخصية المُستضافة من جهة وبين بعضهم البعض من جهة أخرى.

تُعتبر البرامج الحوارية واجهة أساسية تستحوذ على اهتمامات المشاهد والمستمع، وتساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تشكيل الرأي العام، كونها منصّة للتعبير الديمقراطي الحرّ تطرح قضايا مجتمعية أساسية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية وغيرها من القضايا ذات صلة بالحياة العامة، ونشر المعلومات بهدف التنوير والإقناع ، لذا من المفترض أو من المتوقع من هذه البرامج أن تقوم بدور توعوي نهضوي من خلال عرض وجهات نظر مختلفة لتكوين رؤية وطنية واضحة، لكن الحقيقة المرعبة التي نشاهدها في كل حلقة من حلقات برنامج "صار الوقت" تؤكد بأن الجمر مازال متوهجًا تحت الرماد وأن الحرب اللبنانية خلعت حلة القصف المدفعي والصاروخي وارتدت حلة القصف السجالي الحجاجي المصحوب بصراع نفسي داخلي بين ما تشرّبه الفرد في محيطه الحزبي والطائفي وبين معاناته المعيشية اليومية، وتنتهي كل حلقة في تثبيت وتأكيد وتدعيم توجهات كل فرد إلى وجهتة السياسية أوالحزبية أو الدّينية.  
والمفارقة الغريبة والمتناقضة أن غالبية الحضور هم من الشباب الجامعي المثقف، حملة الشهادات، شعلة العلم والنور الذين نعتبرهم مصدر القوة وبوابة العبور إلى بر الأمان لبناء مجتمع متكاتف ووطن متقدم على كافة المستويات، وإنما للأسف الشديد ومن خلال مداخلاتهم الاتهامية واستمالاتهم الإقناعية ذات النعرات الطائفية والحزبية قزموا معرفتهم بمنظار التعصب والحقد الدفين، بالرغم من أنّهم على درايةٍ تامة بأسباب قضيّتهم وأزمتهم ولكنّهم يخشون الإقرار بها، لأنّهم نشأوا على أفكار عرجاء عمياء مقيدة، خلطوا الحق بالباطل فأصيبت عقولهم بالعمى. 
هل نحتاج إلى سفينة نوح لحماية الوطنين الشرفاء من الطوفان القادم، أو إلى قنبلة ذرية على غرار هيروشيما حتى نصل إلى مصاف اليابان، متى يتّعظ حاضر لبنان بماضيه ولا يكرّر الأخطاء السّابقة، ويتوحد من كانتوناته الطائفية، ويتخلص من سلطته التقليدية المناطقية؟ متى نبني وطنًا يُحفظ  فيه الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وطنًا يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات، عشرات الملفات من الفساد تُكشف كل يوم، انتهاكات وهدر على مرأى ومسمع من الجميع، سئمنا السجال المبتذل، والخطابات المهترئة التي أصبحت طقوسًا يوميةً، سئمنا من لعبة الاجتهادات والدفاع عن هذا الزعيم واتهام ذاك.
 ألم يحن الوقت بعد لبناء دولة وطنية حقيقية، دولة مؤسسات وفق أسس وآليات قانونية ديمقراطية واضحة المهام والأهداف التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.

ألم يحن الوقت بعد لنبني وطنًا نحيا لأجله، برأيي.... "صار الوقت"