Advertise here

عرقلة في تشكيل الحكومة ومفاوضات الترسيم بخطر

02 تشرين الثاني 2020 07:45:50

بعد الجلسة الأخيرة لمفاوضات ترسيم الحدود، خرج الأميركيون والإسرائيليون بانطباع سلبي إزاء الموقف اللبناني. لذلك تسارعت حركة الديبلوماسيين باتجاه القوى السياسية، لمعرفة سبب التحول في المسار الذي يطرحه لبنان وينطلق منه للتفاوض. الفريق المفاوض يعتبر أنه يطالب بما هو حقّ للبنان، منطلقاً من خلفية تقنية وجغرافية، مسنودة إلى خرائط ووثائق. فاعتبر أنه لا يريد الغوص في مفاوضات كان قد وُضع لها إطار سياسي. هذا الأمر استفز الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة. لا تريد واشنطن للبنان أن يخرج عن سياق اتفاق الإطار الذي تم وضعه للتفاوض على مساحة 860 كيلومتراً مربعاً. بينما طرح لبنان مساحة تتخطى 2000 كيلومتر مربع.

 

التفاوض و"التشكيل"

 

اعتبر الأميركيون والإسرائيليون أن هذا الطرح يمثل خروجاً كاملاً عن ما هو متفق عليه. التعاطي الدولي مع الملفات اللبنانية، يربطها ببعضها البعض. وانطلاقاً من هذا الربط، تتكون قراءة تفيد أن هذا التصعيد التفاوضي في ملف الترسيم، تزامن مع تصعيد من نوع آخر عرقل مساعي تشكيل الحكومة، بغض النظر عن تفاصيل الخلاف التي أدت إلى العرقلة أو رفع منسوب الشروط. هنا تتداخل أسباب عديدة، قد ترتبط ببعضها البعض وقد لا ترتبط. ولكن، في تصور عام، فإن بروز خلاف حول منطلقات التفاوض، تزامن مع بروز خلاف حول تشكيل الحكومة، وخفوت وهج عملية التشكيل، بالإضافة إلى الأزمة الجديدة التي واجهتها فرنسا، والتي حكماً ستؤدي إلى إضعاف تأثيرها في المنطقة وتنعكس سلباً على مبادرتها في لبنان.

 

الإنعكاس السلبي على المبادرة الفرنسية تجلى في إعادة فرض الشروط وتأخّر تشكيل الحكومة عن المهلة التي كان يتوقع الرئيس المكلف سعد الحريري أن يعلنها، وهي يوم الجمعة الفائت. فبرزت عقد جديدة، تتعلق بالحقائب وبحجم الحكومة والثلث المعطل. وإذا ما كان المناخ السياسي ينعكس على بعضه البعض، فلا يمكن الربط بشكل مباشر وكامل بين كل الملفات. فمثلاً قد تتشكل الحكومة في الأيام القليلة المقبلة، فيما يبقى انتظار الجلسة المقبلة لترسيم الحدود ومعرفة مسار الموقف اللبناني، وإذا ما كان لبنان سيعود إلى التفاوض على 860 كيلومتراً مربعاً، أم أنه سيستمر على موقفه المطالب بأكثر من ألفي كيلومتر مربع.

 

بين أميركا وإيران

 

ولكن ماذا لو تعرقلت المفاوضات حول ملف ترسيم الحدود؟ سيؤدي ذلك إلى إعادة النظر في كل المسار السياسي التهدوي، الذي طبع الوضع في لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت. الجولة المقبلة ربما هي التي ستكون فاصلة بين أن ستستمر، أو أن تتعرقل. فبالنسبة إلى الأميركيين والإسرائيليين، خرج الجانب اللبناني عن القواعد المرسومة للتفاوض.

 

وعلى الأرجح، وبحال فوز بايدن بالرئاسة الأميركية، فإن لبنان لن يتراجع عن الخرائط والشروط التي طرحها. ورد الفعل على الموقف اللبناني هذا سينتظر تشكّل فريق الرئيس الأميركي الجديد ووزير خارجيته. أما بحال فاز ترامب، فسينظر الجميع إلى المسار الذي سيسلكه، وإذا ما كان سيستمر بممارسة الضغوط القاسية على طهران. عندها، يمكن تكوين نظرة واضحة حول الموقف الإيراني من الوضع بالمنطقة ككل، لا سيما حول استمرار مفاوضات ترسيم الحدود أم عرقلتها. وبحال تكرست العرقلة، فلا بد من توقع المزيد من الضغوط والتصعيد والتوترات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية.