Advertise here

اتفاق على تسيير شؤون الدولة

02 آذار 2019 21:12:42

حصلت تفاهمات بين القوى الرئيسية في لبنان، منها معلنة، ومنها غير معلنة، تهدف الى تسيير شؤون الدولة، وتتجنب المناكفات السياسية التي توتر الأجواء.

والدافع لهذه التفاهمات حراجة الوضع وقساوة التحديات الاقتصادية، ولتحقيق مصالح مشتركة لا يطولها التعارض. كما اتفقت هذه القوى على تنظيم الاختلافات في وجهات النظر حول الخطط المستقبلية التي تتعلق بملفات حساسة، أو مرافق حكومية متعددة، منها على سبيل المثال ملف الكهرباء، وملف مكافحة الفساد على ألا يتم استغلالها لإثارة الجروح القديمة بهدف التشهير.

جلسة مجلس الوزراء الأولى التي انعقدت في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كادت تفجر أزمة حكم قاسية حول الصلاحيات الدستورية، في الوقت الذي لم تكد تخرج فيه البلاد بعد من أزمة تعطيل تشكيل الحكومة لما يقارب 9 أشهر، من دون أن تكون هناك ضوابط دستورية تمنع مثل هذا التعطيل.

تجنب رئيس الحكومة سعد الحريري الصدام، وأطفأ نار الهفوة التي صدرت عن رئيس الجمهورية حول صلاحية رسم السياسة العليا للدولة، وساعده في عملية الاطفاء وزراء اللقاء الديموقراطي الذين تجاهلوا الغضب الذي بدا على رئيس الجمهورية بعد اثارة وزراء القوات اللبنانية لموضوع زيارة وزير شؤون النازحين السوريين الى دمشق من دون موافقة الحكومة، ورئيس الجمهورية ذاته أجرى اتصالات شملت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إضافة الى رئيس الحكومة، كي لا تتفاعل الأزمة، وتأخذ بعدا ميثاقيا يمكن أن يحرك مشاعر طائفية.

والاتفاق على تهدئة الأجواء العامة في البلاد شمل الأطراف الأخرى الأساسية، منها حزب الله الذي يعتمد سياسة الانفتاح على الجميع من دون مشاكسات، ولا ترى أوساط الحزب أي خلفيات أو استهداف من وراء اثارته لملف الفساد.

وكان واضحا أن هناك قرارا حاسما عند الحزب بالتهدئة، من خلال العقوبات التي فرضها الحزب على النائب نواف الموسوي الذي ينتمي الى كتلته النيابية، بعد أن خرق الموسوي سياسة المهادنة في جلسات مناقشة البيان الوزاري في مجلس النواب، وتناول بكلامه الرئيس الأسبق بشير الجميل، وأصاب بأطراف كلامه الرئيس الحالي ميشال عون بطريقة غير مباشرة.

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أعلن بعد لقائه مع رئيس الحكومة سعد الحريري في أعقاب التوتر الذي ساد بين الرجلين، أن صفحة جديدة من التعاون فتحت مع الرئيس الحريري، وهناك تفاهم على معظم المواضيع، أما المواضيع التي يوجد حولها بعض التباين، فستناقش في الغرف المغلقة بعيدا عن الاعلام.

وقد ساهم التيار الوطني الحر في تعميم أجواء التعاون، من خلال ايفاد وزير البيئة فادي جريصاتي ووزير المهجرين غسان عطا الله المحسوبين على التيار للقاء جنبلاط، في خطوة لافتة. وجنبلاط أبدى استعدادا صريحا للتعاون معهم، لاسيما في إقفال ملف المهجرين الذي يهم أبناء الجبل بشكل خاص.

أما القوات اللبنانية التي تعارض الكثير من العناوين التي تعتمدها بعض القوى النافذة، فقد أكد رئيسها د.سمير جعجع أن القوات جاهزة للتفاهم على القطعة مع الأطراف الآخرين، أو الاختلاف أيضا على القطعة في ملفات أخرى، من دون أن يكون لمعارضتها أي خلفيات تخفي نوايا تعطيلية.

لمواجهة الاستحقاقات الداهمة، ولعدم تفويت الفرصة على الاستفادة من مؤتمر «سيدر» لمساعدة لبنان، كل الأطراف اللبنانية اتفقت على تهدئة الأوضاع، على أمل أن لا تتأثر هذه الأجواء برغبات بعض القوى الخارجية التي لا يرقى لها الهدوء في لبنان.