"كلن يعني كلن"، عبارة يجب ألا يطلقها أصحابها على السياسيين فقط، بل على الشعب بأكمله أيضًا. وإليكم الأسباب.
لقد تعلّم الشعب اللُبناني الفساد بشكل متراكم إما بسبب الحروب، أو نقص الدولة في الدولة. الشعب اللُبناني الذي يطالب بلقمة العيش موحّداً في الساحات، وعلى منصّات التواصل الاجتماعي، ثم لا يفوّت فرصةً، إلّا ويأكل من لحم أخيه المواطن!
التجار، وأصحاب المحلات، والمؤسّسات، والشركات الخاصة، جميعهم لا يرحمون. يرفعون الأسعار في حال شعروا أن الدولار سوف يرتفع، ويفقدون حواسّهم الخمسة في حال انخفاضِه!
حين تسمع أصحاب الورش والأعمال الحرة، والمطاعم، يشكون من قلة العمل تتعاطف معهم وتعطيهم الحق في ما يقولون، وهذا قبل أن تكتشف أن جميع العاملين لديهم أجانب من جنسيات مختلفة...
أمّا في ما خص المافيا بمفهومها الجديد، أي أصحاب المولدات الذين إلى اليوم ما زالوا يعيشون أزمةً وهمية، فالجميع يعلم أن الدولة دعمت المولّدات، والأحزاب أيضاً ساهمت في تأمين مادة المازوت، ولكن الحال لم يتغيّر ! إنّه احتكار علني لحياة المواطنين، وأزمة تواجه طلاب "الأونلاين"، فما زال في عدة مناطق وبلدات يسيطر صاحب المولّد على ساعات التغذية، وكُلٌ حسب هواه.
كل هذا ولم ندخل في دهاليز التعدي والاحتيال على بعضنا البعض.
وتبقى المشكلة الأساسية هي مفهوم التغيير، أو الثورة والمحاسبة. فلا يمكن للفرد أن يطالب بتغيير النظام والقوانين، وطريقة العيش إلّا إذا كان جاهزاً للنظام الجديد، وقادراً على احترام القوانين، وإلّا لا جدوى من النضال لأنه، وببساطة، لا يمكنك أن تقنع العالم بزرع الشجر، وفي يدك فأساً!
الفساد ليس فساد المؤسّسات، بل فساد النفوس، والعقول، والقناعات.