Advertise here

حائرٌ "في وطني"؟!

23 تشرين الأول 2020 11:29:12

كلُّ ما حولنا يبحث عن مستقبله. لا يريد أن يقف مكتوف اليدين إزاء حاضره مكبّلاً بماضيه.

فالأرض الجرداء تكظم صبرها حتّى ينزل المطر. واللّيلُ مهما بدا طويلاً ثقيلاً، فإنّ الكون يمنِّي النفس بنهارٍ مشرقٍ عذبٍ. والأُمّ ما كانت تنتظر تسعة أشهر بلياليها ونهاراتها لولا إيمانها برؤية وليدها يبصر النور .

أمّا نحن، فإنّنا نعيش حياة ساكنةً جافة مليئة بتقلّبات الواقع، أسيرة مسقبلٍ مجهول المصير. أيُعقل أن نبقى مكتوفي الأيدي، ومصيرنا معلّق بالقدر وترهات الأيام؟ 
ماذا بعد؟ ماذا تخبّئ لنا الأيام من ظروف مرّها؟ متى تحنّ الأقدار وتزول اللوعة؟
نصْبوا إلى مستقبلٍ حاملٍ في طيّاته الآمال والطموحات، مشرقٍ بالسعد والخير، متّخذين شعار
"تفاءلوا بالخير تجدوه". ولكن إلى متى الانتظار؟   
هل سنبقى مقيّدين تحت ركام التصدي؟ أم سنقاوم الحياة بما أوتينا من عزمٍ وإرادة لنكسر القيود، ونزيل العقبات التي تقف في طريقنا لنعيش حياة نستحقّها، وترضينا، حياةً حرّةً كريمة.

سؤالي اليوم أطرحه على الطبقة الحاكمة، الخانعة تحت وطأة الاستهتار واللّا- مبالاة. يا مَن ستحملون مسؤولية أحقادكم وفشلكم ومحسوبيّاتكم المقيتة. لقد  كسرتم إرادة الشعب،  وحطّمتم معنوياته. لقد قتلتم الحياة والأمل فيه، وجعلتم أقصى طموحه الهجرة، و"فيزا للهجرة"، من بلدٍ ضاق بأهله وبطموح شبابه.

نحن اليوم أمام واقعٍ يتطلّب أن يوضَع كلّ مسؤولٍ أمام مسؤولياته. أيّ مسؤولٍ منكم يتجرّأ أن يقول، "لقد قمت بواجبي؟" ماذا حقّقتم لوطنكم وشعبكم؟ 
نعرف حق المعرفة بأنّكم فريدون من نوعكم، ومتألهون في تفكيركم، بأنّكم نكرة، مسؤولون "خرضة" تباع وتُشترى في سوق الخرضوات والأنتيكة، وأنّ قَسَمكم تلاشى تحت مسمّى الوطنية، وأنكم غير آبهين بآلام الناس، ولا تتمتعون بأدنى درجات المسؤولية.

حقًّا إنّكم بارعون في تزوير الحقائق، وفبركة الملفات، وتطعيم ألاعيبكم وسياستكم الرعناء. مسؤولون أبالسة بحلّة إنسان، وشياطين بهيئة ملائكة. قَسَمُكم هذا وعر في دولة أصبحت وزاراتها تباع بالمزاد العلني بما يسمى المحاصصة. دولة مطبّاتها مؤلمة. دولة أنتم بانوها ولازلتم تتقاسمون المقاعد فيها، وتطمعون بالمكاسب، وتتنازعون على السلطة. أيّ نوعٍ من البشر أنتم؟  جشعكم هذا أغرقنا  جميعاً في مستنقع الاستنزاف والغرق الدائم.

لقد عطّلتم القوانين، وجعلتم أرضنا جرداء، ومياهنا مغمّسةٌ بدماء الشهداء.

عطّلتم جميع المشاريع الخدماتية، وجعلتم التهديم شعاراً لكم.

عطّلتم الأعمال. قمعتم الأحرار. جعلتم همّ الشعب تأمين المأكل والملبس فقط لا غير .

لا صناعة، ولا زراعة. كلّ شيء معطّل، لا خطط، لا مشاريع مستقبلية، وحتى الأيدي العاملة جعلتموها حصراً لمن ينتمي لأحزابكم.

وبعد، ماذا تنتظرون؟ الشعب لا يريدكم، لماذا لا تفهمون؟! حقاً، "اللّي استحوا ماتوا". إنكم لا تخجلون، وقحون، متكبرون، مجرمون، حاقدون، من برلمان الدجل، وحكّام العار، وناهبي الدولة، وسارقي أموال الناس إلى جمهورية القَسَم المشؤوم، والتعتير والإفقار. إلى أين بعد؟

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".