Advertise here

سوريا النازحة بحثاً عن وطن وهوية

01 آذار 2019 14:54:00 - آخر تحديث: 01 آذار 2019 15:08:17

درجنا على الكتابة عن فلسطين على أنها "نكبة القرن العشرين".

هذا في العالم العربي، وإذا كان العالم الآخر قد نكب بالحرب العالمية الأولى، ثم الثانية، فالأسباب كانت منه، وفيه، والمثال على ذلك الحرب التي شنها أدولف هتلر على جيرانه الأوروبيين وامتدت إلى القارة الأميركية.

لكن تلك الحرب التي بدأت بهتلر، وانتهت بنهايته، ما لبثت أن اندلعت بالاتجاه العربي، بدءاً من فلسطين في العام 1948. ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف، وقد جرفت في مسارها جمهوريات وممالك عربية قديمة، وناشئة، فحرمت شعوبها من التمتع بنعمة الحرية، والديموقراطية، والاستقرار والاستثمار في مشاريع التنمية، والعلم مع الطمأنينة والازدهار...

كل ذلك كان مبرمجاً مسبقاً وتمهيداً لإعلان دولة إسرائيل، وعند ذلك الحد توقف الحلم بعصر عربي مدني ديموقراطي ليبدأ عصر الثورات من الداخل على الداخل، و"تحييداً" لإسرائيل... وها إن إسرائيل صارت خارج الاستراتيجيات العربية منذ انفجار ذلك الحلم العربي في تونس قبل نحو تسع سنوات، وقد ذهب ذلك الحلم برؤساء وحكام، ولم يتغير وجه هذا العالم العربي المتنقل من محنة الى محنة. وها هي سورية في سنتها الثامنة، وقد خسرت نحو ثلث شعبها بين شهيد، ومعوّق، ونازح.

وأمام هذا الواقع السوري المبعثر يتبادر إلى الذهن العربي المتابع؛ ما الفرق بين النازح السوري في العام 2019 والنازح الفلسطيني في العام 1948؟ 

الجواب مرير: الفلسطيني قاوم عدواً غازياً إستيطانياً، مدعماً بدول معادية للفلسطينيين وسائر العرب، وقد اضطر إلى النزوح، فلقي أهلاً وسهلاً، وبقي ظله هناك، وحلمه فعل إيمان بالعودة، وإن طال الزمن...

أما النازح السوري الذي تاه وراء البحار فهو مهدد بخطر فقدان هويته ولغته وأصله...

وعلى هذا المصير يراهن نظام نشأ على العنف والقمع، والتهجير...

ولا بد أن الدول والدوائر، والهيئات المتابعة لمسيرة محنة سوريتهم تتبين اليوم أن الجيل الذي نزح مع أهله عبر البر أو البحر، وهو في سن الطفولة، أصبح اليوم في سن الفتوة...

وجيل الفتوة، من الصبيان والبنات، صار جيل الشباب والصبايا، الباحث عن الوظيفة، والمهنة في أقطار، ودول، وشعوب، وأنظمة، وقوانين ولغات، وعادات، وتقاليد، وأحلام بعيش رغيد في عالم غريب سوف يكون وطناً وهوية.