Advertise here

سوريا تقفل حدودها بوجه مواطنيها ولبنان يساوم... ما علاقة كورونا والنازحين؟

17 تشرين الأول 2020 14:48:29

إنّ الفيروس وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية، لم يستثنوا رقعة من العالم، بل تفاوتت الأضرار بين الصعب والأصعب. أما في لبنان، فقد قضى هذا الوباء على أنفاس الصمود الأخيرة، حيث تتفاقم المشاكل ككرة الثلج لتصبح الحلول شبه معدومة.  

وفيما تحاول السلطة اللبنانية جاهدة فك القيود الدولية عن البلد، واستمالة المجتمع الدولي نحو مد يد العون، وفيما لم يعد لبنان قادرا على تحمّل أعباء النزوح السوري والخسائر الناتجة عنه، لم يسأل أحد سوريا عن قرار إغلاق حدودها على مواطنيها. أقفلت دمشق معابرها الحدودية، من أجل حماية من سلم من الحرب المدمّرة من فيروس الكورونا، قاطعة بذلك أمل النازحين بالعودة في المدى القريب. فهل استغلّت سوريا الفرصة لمنعهم من العودة؟

يستنكر وزير الدولة لشؤون النازحين السابق، النائب معين المرعبي، إغلاق نظام الاسد للمعابر الحدودية، ويعتبره عمل إجرامي بكل ما للكلمة من معنى، لأنّه يجسد التمييز العنصري ويصب في مصلحة التغيير الديموغرافي الذي يسعى نظام الأسد لتحقيقه. بحسب المرعبي، إنّ النظام السوري كان واضحا بتعبيره عن إرادته "سوريا المفيدة"، أي الموالية، وبالتالي المقصود أنّه من غير المرحّب بالنازحين والمعارضين. ولهذا السبب، وتجنّبا للإحراج لم يسأل أحد النظام السوري عن قرار إقفال الحدود، وبرأي المرعبي هذا بمثابة تقصير كبير من قبل الدولة اللبنانية  والمجتمع الدولي وهو أمر مدان.
 
يرى النائب معين المرعبي، أنّ النظام السوري قد استخدم البراميل المتفجرة، وقام بقتل وتهجير شعبه بالغازات السامة وبالطائرات وبالدبابات وبالمدافع. وبالتالي لن يكون من السهل إقناعه بالعمل على عودة اللاجئين، ولو بطريقة قسرية.

في هذا السياق، يقول المرعبي أنّ المبادرة الروسية من أجل عودة اللاجئين السوريين ولدت ميتة. ويوضح أنّ روسيا أرادتها لاستقطاب للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وللإستغلال السياسي والمادي فقط، من خلال محاولة الهيمنة على أموال اللاجئين بحجّة إعادة الإعمار وتوفير السكن لهم. والدليل على ذلك، أنّ الروسي ما زال يشارك في عمليّة تهجير السوريين وقتلهم في سوريا. ويلفت الوزير السابق على أنّ الحكومة الأخيرة لم تلحظ في بيانها الوزاري هذه المبادرة، لأنّ روسيا حليفة لحزب الله، ولم يكن من المستحب إحراجها بما تعهدت به، خاصة في موضوع استقبالها اللاجئين على الحدود لتضمن عودتهم بشكل طبيعي وآمن.
  
لا يخفى على أحد عجز الدولة اللبنانية عن ضبط الأوضاع الصحية في مخيمات اللاجئين السوريين بأي شكل من الأشكال، وعن تأمين حاجاتهم الصحية والاجتماعية والمعيشية. وفي هذا الإطار يؤكّد المرعبي على أنّ تعاون الشعب اللبناني بغالبيته ووقوفه إلى جانب اللاجئين السوريين، هو الأمر الذي يضمن استمراريّتهم، بالإضافة إلى جهود المفوضية العليا للاجئين والمنظمات الأممية. فلولا جهود المنظمات الأممية بالموضوع الصحي، لكان الوضع كارثي، لجهة الإصابات بفيروس الكورونا وغير الكورونا، نظرا لغياب كافة مكونات العيش الأساسية في الحد الأدنى. ومثال على ذلك، إنّ اللاجئ السوري الذي يعيش في خيمة، يحصل على أقل من 20 لتر ماء في اليوم، وذلك في الفترات الحارّة والباردة من السنة، وبالتالي يمكن تخيل مدى صعوبة الأمر، ومدى ارتفاع نسبة التعرّض للأوبئة والأمراض في أوساطهم.
 
يشدّد وزير الدولة لشؤون النازحين السابق، على ضرورة إعادة تفعيل وزارة شؤون اللاجئين، في الحكومة المنتظر تأليفها. يقول المرعبي أنّ الدولة اللبنانية لم تمنع أي سوري من العودة إلى سوريا، وإن قامت في بعض الأحيان بعض الجهات التابعة للأمن العام اللبناني بعرقلة العودة بحجة عدم استيفاء رسوم الإقامة، فقد تمت معالجة هذا الموضوع، من خلال الوزارة المعنية وزارة الداخلية، وسمح لهم بالعودة شرط عدم العودة إلى لبنان إلا بعد مدة زمنية معينة.
 
وعن التنسيق مع الحكومة السورية، فهو قائم منذ اللحظة الأولى لبداية اللجوء، كما يجزم المرعبي، وذلك من خلال المؤسسات العسكرية والأمنية. فيدرك الجميع حجم التنسيق القائم بين الأمن العام اللبناني، وبخاصة اللواء عباس ابراهيم، والنظام السوري، وقد تبيّن الأمر في ملفات عديدة حصلت. غير أنّ سبب التراجع في العمل على هذا الملف حكوميا، وغيابه كليا عن الرأي العام في لبنان، بحسب المرعبي، هو تسليم هذه الوزارة في حكومة حزب الله لشخص موال للنظام الأسدي، أي تسليم الضحية للقاتل الجزار. ويعتبر أنّ التقاعس الحكومي عن إيجاد حلول لملف النزوح السوري، هو لتجنب إغضاب النظام السوري والنظام الروسي وايران، على الرغم من أنّ الملف إنساني ولا يحتمل المتاجرة به والمساومة عليه.
  
برأي المرعبي أنّ أزمة اللاجئين السوريين هي أزمة إنسانية بحتة. ولم يحدث لأي شعب في العالم ما حدث للأخوة السوريين، حيث أنّ نسبة 85% من الشعب السوري مضطهدة ومدمرة منازلها ومهجرة من بلادها. ولا شك أنه قد تم استغلال هذا الملف، من قبل فريق سياسي معين، وقام بإعادة تهجيرهم من القرى المؤيدة له في لبنان، بحجّة منع توطينهم، ما تطلب إعادة إسكانهم في قرى أخرى. يتوقّف المرعبي عند رغبة السوريين اللاجئين بالعودة إلى ديارهم اليوم قبل الغد، وقد طالبوا مرارا بنقلهم، بشكل طوعي وآمن وبرعاية أممية إلى سوريا، ولو اضطروا للعيش بنفس الظروف السكنية هناك، فإن ذلك سيتيح لهم المجال لإعادة بناء منازلهم ولو لفترة طويلة من الزمن. هم يطلبون إعادتهم إلى التراب السوري، ولو كان إلى غير مناطقهم الأصلية. فمثلا أهالي القصير طلبوا نقلهم إلى جرابلس على الحدود التركية، لكن الأتراك رفضوا، كون الأمر يشكل قطع للجذور لهؤلاء اللاجئين، والأجدى عودتهم إلى نفس القرى و البلدات التي هجروا منها.