Advertise here

السياسة مرآة الدولار المزيّفة

13 تشرين الأول 2020 07:14:20

شكل سعر صرف الدولار منذ بدء مرحلة الانهيار الاقتصادي مرآة عاكسة للحالة السياسية. ما حدث البارحة عصراً لا يشذ عن هذه القاعدة. فمع بدء الاستشارات السياسية لتشكيل الحكومة، ودخول ترسيم الحدود مرحلة التفاوض، انخفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية بنسبة تخطت 15 في المئة. فبعد ان كان افتُتح الاسبوع الجاري على سعر صرف يناهز 9 آلاف ليرة، تراجع عصر امس إلى حدود 7700 ليرة. الأمر الذي شكل صدمة في سوق القطع؛ خصوصاً مع الهجمة المفترضة على الدولار بسبب شح الدعم والحديث عن ترشيده.

على الرغم من العوامل الموضوعية المتمثلة بالعرض والطلب، التي تتحكم بسعر صرفه في السوق الثانوية، فان للعوامل السياسية دوراً كبيراً في تحريكه صعوداً أو نزولاً. وبحسب احد الصرافين فإنه "عندما نعجز عن تفسير الارتفاع أو الانخفاض المفاجئ في سعر الصرف، يكون السبب سياسياً وليس اقتصادياً". وبرأيه فان "حجم السوق اللبنانية صغير نسبياً، ولا يحتاج إلى اكثر من التدخل بـ 15 مليون دولار شراءً أو بيعاً من أجل التأثير على سعر الصرف".

وانطلاقاً من هنا تشير مصادر مصرفية إلى أنّ "المضاربة ببضعة ملايين من الدولارات، تعتبر رقماً زهيداً في السياسة أمام المكاسب الممكن تحصيلها"، وتضيف: "محاولة التسويق الايجابي لدخول البلد مرحلة التسويات الكبيرة في المنطقة، وانه يقف على بعد خطوة واحدة من وضع قدمه على طريق التعافي من الازمة، تستأهل التدخل النقدي للايحاء بالايجابية المنتظرة". إلا ان السؤال الجوهري يبقى: ما حجم التأثير السياسي على سعر الصرف؟

فتجيب مصادر اقتصادية: "هامش تراجع الدولار لأسباب سياسية هو سيف ذو حدين. فهو من جهة يريح الأسواق ومن جهة أخرى يعرضها لتقلبات حادة في حال فشل المبادرات السياسية. وعليه فإنّ العنصر الوحيد لتراجع الدولار فعلياً يتمثل في التدفقات النقدية بالعملات الاجنبية من صندوق النقد الدولي والجهات المانحة". إلا ان هذه التدفقات لن تأتي من دون الاصلاحات الجذرية والبنيوية في قطاع الكهرباء والاتصالات وضبط الحدود وتخفيض نفقات القطاع العام وترشيد الموازنة. وطالما لم تتحقق هذه الاصلاحات سيبقى العجز في ميزان المدفوعات، الذي وصل في الاشهر الثمانية الاولى من هذا العام إلى 8.5 مليارات دولار، عنصراً ضاغطاً على سعر الصرف، يعرّض الدولار إلى قفزات كمية ونوعية.

المصدر: نداء الوطن