Advertise here

بعد انتصاره على كورونا... كورال الفيحاء في مبادرة فريدة لجمع الدم من المتعافين للمصابين

11 تشرين الأول 2020 16:57:00 - آخر تحديث: 11 تشرين الأول 2020 19:05:59

لطالما عوّدنا "كورال الفيحاء" أن يطل على محبيه بموسيقييه والأصوات المميزة التي أطربت لبنان، لا بل العالم العربي والغربي. كما لطالما لفتنا تنظيم هذا التجمّع، والتنسيق المميّز الذي يربط بين أعضاء المجموعة.

إلّا أن الكورال اختار هذه المرّة أن يفاجئ جمهوره، فأطل برداءٍ إنساني وطني، من أجل الوقوف إلى جانب المواطنين في معاناتهم المتجسّدة في معركتهم بمواجهة فيروس كورونا، بعد أن اختبروا بأنفسهم مرّ التجربة. 

إذ، وإثر إصابة 55 فرداً من أعضاء مجموعة الكورال، أظهر زملاء لهم تضامناً واسعاً بهدف الحثّ على تمرير الفترة الصعبة بمعنويات عالية، لما للصحة النفسية من أثرٍ كبيرٍ على الصحة الجسدية، فاجتازوا المرحلة بروحية الفريق، دون الشعور بوحدة المرض وألمه. 

كما أن التضامن لم يتوقّف عند هذا الحد، بل، وبمبادرة فردية من إحدى المشارِكات في الكورال، قرّر المتعافون من الفيروس التبرّع بالدم لزملائهم المرضى، في سبيل علاجهم. فكيف تحوّلت الفكرة الفردية إلى مبادرة على مساحة الوطن؟ 

في حديثٍ لها لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، أشارت مديرة "كورال الفيحاء" رولا أبو بكر إلى أن، "الفكرة بدأت بمجموعةٍ عبر تطبيق "واتساب" ضمّت مختلف أعضاء الكورال، والهدف الوحيد كان التسلية والترفيه من أجل تقاسم هموم المرض ومشقات فترة الإصابة. إلّا أنه وبعد شفاء عدد من المصابين، اقترحت إحداهن التبرّع بالدم لزملائها لعلاجهم، فالمبادرة كانت عفوية".

وتتابع أبو بكر: "إلّا أننا أيقنّا أهمية المسار الإنساني. وبحكم وجودنا في مختلف مناطق لبنان، بثلاثة فروع: في طرابلس، والشوف، وبيروت، ما يمكنّنا من الوصول إلى الجميع، اخترنا توسيع رقعة المبادرة لتشمل مختلف المواطنين المصابين، كما كل من تعالج وقد يرغب بالتبرّع بالدم؛ فأنشأنا صفحة عبر "الفيسبوك" من أجل محاولة الوصول إلى أكبر عددٍ ممكن. وقد تمكّن أكثر من عشرة أشخاص من الاستفادة من هذه الحملة في غضون ساعات قليلة بُعيدَ الإطلاق".

وتذكر أبو بكر أنهم كمجموعة، "لم نكن مستعدين لهذه الموجة من الإقبال، لهذا السبب افتقدت المبادرة إلى التنظيم عند الانطلاقة، إلّا أننا نعمل اليوم على تأطير البيانات وفق آلية معيّنة، من أجل إحصاءات دقيقة، ووصول أبسط على مساحة أوسع"، مؤكّدةً أن "العملية تحصل بمواكبة من أطباء أخصائيين".

المبادرة تجتاز حدود المساعدة الطبية وتصل إلى حد المساندة المعنوية، إذ لفتت أبو بكر إلى أن، "المجموعة المقامة عبر "واتساب" هي مفتوحة لجميع المصابين الذين يودّون مشاركة أوجاعهم واللحظات الصعبة، في محاولة لخلق أجواء إيجابية وتحفيزية، لتمرير الفترة بأفضل السبل".

وفي هذا السياق، كشفت أبو بكر عن، "حملة تضامن واسعة سيتلقاها المرضى، وستتمثّل بفيديوهات تشجيعية من قِبل شخصيات معروفة من الأوساط الفنية والإعلامية وغيرها، وقد يكونوا أصيبوا بالفيروس، أو أحبّوا المشاركة، وقد تُرفق الحملة بنشاطاتٍ أخرى سيتم بحثها"، معتبرةً أن، "الموقف الصعب اليوم يقتضي الوقوف جنب بعضنا  لتحويل الأزمة إلى تجربة إيجابية قدر المستطاع، متمنّية الشفاء لجميع المصابين".

العازف وئام ضو، أحد المشاركين في الحملة يروي في حديثه لـ"الأنباء" متعة التجربة الإنسانية، فهو فرد من عائلة "كورال الفيحاء" ومصابٌ سابق بفيروس كورونا. يشير وئام في سياق حديثه إلى، "أهمية حسّ التضامن الذي يبديه أعضاء الفرقة، خصوصاً بعد ملاحظة مدى حاجة المصابين لكميات الدم، إذ نحن عانينا المخاض نفسه، ونشعر بألمهم".

ويتابع: "انطلاق الفكرة على صعيد واسع ابتدأ يوم الأربعاء الماضي. وفي غضون يومين فقط استطعنا جمع أكثر من 1,200 مشارك عبر صفحة الفيسبوك، وشهدنا اتصالات عديدة من قِبل مصابين. وفي هذا الإطار، الحماسة كانت لدى الطرفين. إذ أن أعداد المتطوعين كانت مرتفعة جداً، ومعظمهم شارك متحمساً في الحملة".

وعن أهمية هذا التحرّك في الشق المعنوي للناس، يذكر ضو أن، "الأهمية تكمن في منح الناس شعورَ الطمأنينة لوقوفك إلى جانبهم وتفهمك خوفهم، ومشاركتك تجربتك الخاصة وإياهم، ما يمنحهم الشعور بالأمل. وهذا أمرٌ مهمٌ جداً نظراً لصعوبة الأوضاع بشكلٍ عام والتي يختبرها المواطنون على مختلف الأصعدة، ولعل أبرزها الشق الاقتصادي"، ويختم وئام: "إنه فعلاً شعور مميّز أن تستطيع مساعدة الناس، فالتضامن هو من أسمى مشاعر الإنسانية".