فاجأ رئيس الجمهورية ميشال عون الجميع بالدعوة للإستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل الحكومة. مساء الثلاثاء كانت آخر الإتصالات تفضي إلى الإفساح في المجال أمام المشاورات السياسية وجس نبض القوى السياسية لتحديد موعد الإستشارات الأسبوع المقبل. وهذا ما كان قد اتفق عليه عون مع الرئيس نبيه بري. ولكن صباح الأربعاء أعلنت رئاسة الجمهورية يوم الخميس 15 تشرين الأول موعداً للإستشارات النيابية، أي بعد يوم واحد فقط من إطلاق مفاوضات ترسيم الحدود.
بحسب ما تفيد المعلومات فإن لجوء عون إلى تحديد موعد الإستشارات وعدم العودة إلى المشاورات التي تسبق تحديد الموعد، جاء إثر استشرافه عدم حماسة أي من القوى السياسية لتلبية دعوته بحال وجه إليها الدعوات. اختار أن يرمي الكرة في ملعب الجميع، فهو أمسك بمفاوضات ترسيم الحدود ويعمل على اختيار الوفد الذي سيشارك في هذه العملية، ويريد أن يتحرر من أي سؤال عن تأخير تشكيل الحكومة، ورمي كرة التعطيل عن نفسه وقذفها باتجاه الآخرين، موقفه أحرج الثنائي الشيعي كما أحرج رؤساء الحكومة السابقين، الذين لا يريدون تكرار تجربة مصطفى أديب.
ويقول أحد رؤساء الحكومة السابقين لـ"الأنباء" إنهم سيعقدون إجتماعاً لوضع النقاط على الحروف واتخاذ موقف نهائي يجمعون عليه، بعدم تجاوز الدستور والطائف وعدم الدخول في تسمية رئيس حكومة من غير المضمون أنه سيشكل حكومته، وسيعلنون التزامهم بالمبادرة الفرنسية وما تنص عليه بدون تعديلات، فإذا تمت الموافقة على هذه الشروط يكون هناك استعداد إما لتولي أحد منهم رئاسة الحكومة، أو يتم ترشيح إحدى الشخصيات. أما بحال عدم توفر أي جدية في التعاطي مع المبادرة الفرنسية كما هي فإنهم سيعيدون الكرة إلى ملعب الأكثرية النيابية التي يجب أن تختار رئيساً لحكومتها.
في المعطى السياسي لا يزال حزب الله وحركة أمل يصرّان على تشكيل حكومة تكنوسياسية برئاسة الرئيس سعد الحريري، وهم ينتظرون جوابه إذا ما كان يوافق على هذا الطرح، فيما تلفت المعلومات إلى ان الحريري سيعيد التزامه بالمبادرة الفرنسية وبحال عرضت عليه رئاسة الحكومة فهو يتمسك بالشروط التي رفعها سابقاً. ستشهد الكواليس السياسية إتصالات مكثفة في الأيام المقبلة بحثاً عن مخرج، وتفيد المعطيات بأن الفرنسيين سيعاودون الدخول على الخط لتسهيل المهمة، وعليه سيكون مصير الإستشارات أمام ثلاثة إحتمالات، إما التوافق على شخصية وسطية تحظى بموافقة مختلف القوى، وإما السير بشخصية من نادي رؤساء الحكومة السابقين إما نجيب ميقاتي أو سعد الحريري، وإما فشل التوافق وتأجيلها بانتظار توفر الإتفاق.