Advertise here

عام تربوي آخر في خطر.. والمدارس تتوجه للتعليم "عن بُعد"

05 تشرين الأول 2020 17:28:00 - آخر تحديث: 05 تشرين الأول 2020 20:37:13

رغم قرار وزارة التربية لتقطيع العام الدراسي الحالي بالتعليم المدمج، بين الحضوري وعن بعد، بدأ مدراء الثانويات الرسمية بوضع خطط لعام دراسي عن بعد حصراً. فحيال ارتفاع عدد الإصابات بكورونا وتخبط وزارة التربية، التي أجلت العام الدراسي إلى 12 تشرين الأول، بدأ المدراء بوضع تصورات عن فصل الخريف، وإمكانية عدم حضور الطلاب إلى المدارس. 

التحضر للتعليم عن بعد
وأكد مديران لكبرى الثانويات الرسمية في بيروت لـ"المدن"، أن المدارس الرسمية تعيش في ظل غياب رؤية واضحة لوزارة التربية، وكيف سيتجه وضع المدارس في لبنان، في الأيام المقبلة. والذي قد يحول دون إمكانية بدء العام الدراسي المدمج. 

وأكد أحد المدراء أن تأجيل العام الدراسي إلى 12 تشرين الأول، وإقفال المؤسسات التربوية ضمن القرى التي شملها الإقفال، وتزايد عدد إصابات كورونا اليومية عن الألف إصابة، سيحول دون فتح المدارس والثانويات أبوابها، خصوصاً أنها تعتبر بيئة حاضنة لكل أنواع الفيروسات والأمراض أساساً. 

وأكد المديران على أن مدراء كثراً بدأوا بوضع خطط لأن يكون العام الدراسي عن بعد حصراً، رغم كل المصاعب التي ستواجه المدارس والطلاب مع انقطاع التيار الكهربائي وضعف شبكة الانترنت وتقطّعها. فالتعليم عن بعد أفضل من التعليم المدمج، كما قال أحد المدراء. حتى مع النقص في المستلزمات ومقومات التعليم عن بعد، فتمكّن نحو 40 في المئة من الطلاب في انهاء العام الدراسي بنجاح، أفضل من فشل كل طلاب المدارس الرسمية في كل لبنان في التعليم المدمج. هذا رغم خطورة بقاء الطالب في بيته لسنتين متتاليتين، والذي يعد أكثر خطراً من كورونا. ويضيف: "نحن في عام دراسي سيء للغاية. وهذا قبل رفع الدعم عن المواد الأساسية، الذي في حال حصل، سوف لن يتمكن طالب واحد من طلاب المدراس الرسمية من الذهاب إلى المدرسة". 

بروباغندا إعلامية
ما هو حاصل عملياً أننا أمام بروباغندا إعلامية لوزير التربية، تختلف جذرياً عن الواقع الذي نعيشه. وعدا عن عدم إقدام الوزارة على وضع خطة ورؤية واضحتين، وترك المدراء يتدبرون أمرهم بنفسهم، لم تستشيرهم كجهات متخصصة ولديهم خبرة واسعة في التعليم، الذي من دون تقييم المدراء سيعرّض العام الدراسي لمخاطر كبيرة. ليس هذا فحسب، بل أن الوزارة تنتظر كي نقع في المحظور كي تعود وتعدل خطتها، كما قال أحد المدراء. 

من ناحيتها، أكدت مديرة إحدى الثانويات في بيروت أنها بدأت بوضع برنامجين: واحد للتعليم المدمج كما قررت الوزارة، وآخر للتعليم عبر "الأونلاين" حصراً. فهي تعتقد أن العام الدراسي سيكون عن بعد، أقله في الثانويات.  

جاهزون للأونلاين
العقبات كثيرة ولا تحصى، من انقطاع التيار الكهربائي إلى ضعف شبكة الانترنت وصولاً إلى عدم توافر الأجهزة الإلكترونية للطلاب، كما قالت. لكن عليهم المضي قدماً معتمدين على الخبرات التي لديهم من العام الفائت، والتي تم تطويرها بإجراء دورات تدريبية حول كيفية إدارة البرنامج الجديد (مايكروسوفت تيم) لجميع النظّار، وسيخضع الأساتذة لتدريبات خلال الأسبوع الحالي، بعدما خضع الطاقم الإداري للتدريب، وبات على إلمام تام لكيفية متابعة المهام الإدارية عن بعد. 

بدوره، يشرح المدير أن الكثير من المدارس والثانويات قادرة على تنظيم عام دراسي عبر "الأونلاين"، لكن يجب أقله تقوية شبكة الإنترنت، على أن تجرى الامتحانات الفصلية وآخر السنة حضورياً في المدرسة. لأنه عادة يصعب ضبط الطالب عن بعد في الامتحانات. لذا على الوزارة ترك الحرية للمدراء في كيفية تنظيم الامتحانات، لتوزيع الطلاب على الصفوف وتجنب الاحتكاك بينهم. 

تجهيز المدارس
وعن تجهيز المدارس بالكمبيوترات، أكد أنه لم يصله من الوزارة أي جهاز، كاشفًا عن أن بعض المدراء جهزوا مدارسهم من خلال جهات خاصة ومنظمات. وأضاف شارحاً عدم تلقي المدارس المساعدات التي رصدتها منظمة اليونيسف للوقاية من كورونا: "بلغوني كي استلم حصة مدرستي من المعقمات ومواد التنظيف وموازين الحرارة، لكن من ذهب قبلي واستلمها أبلغني أنها لا تستأهل حتى التعرض لخطر كورونا جراء الانتظار في الصف لتسلمها". 

صناديق المدارس
ما يحكي في الإعلام شيء وما تعيشه المدارس شيء آخر، وما وعد الوزير به لم تحصل عليه المدارس، كما قال. فمبلغ الثمانية ملايين دولار التي صرفت لصناديق المدارس، عبارة عن "بهورة إعلامية" ويوجد حولها لغط كبير. فما صرف هو الفائض عن التعليم المتوسط. وحصلت كل مدرسة وثانوية على مبلغ ثلاثة آلاف دولار صرفت على سعر "المنصة" بـ3900 ليرة، أي أقل من 12 مليون ليرة لبنانية. وضرب مثلاً عن مدرسته التي تتسع لنحو 800 طالب قائلاً: "هذا المبلغ لا يكفي لشراء الأقلام التي يستخدمها الأساتذة للشرح. نحن نستهلك نحو 2000 قلم في السنة. وبات كل قلم ثمنه 7000 آلاف ليرة. أي 14 مليون ليرة للأقلام فحسب، فكيف بباقي القرطاسية التي يزيد ثمنها عن ذلك بأضعاف؟" وأكد أن المدارس لم تتلق بعد مستحقاتها منذ العام الدراسي الفائت، وهي غير قادرة على تسيير أمورها اليومية لتسد حاجتها من رواتب الأجراء وعمال نظافة وحراسة وفواتير كهرباء وتلفون وغيرها. 

كل اللبنانيين فقراء
وعن توزيع المساعدات على الطلاب، والتي كان آخرها المنحة المالية التي أعلن عنها وزير التربية، أكد المديران أن الوزارة طلبت العام الفائت من جميع المدراء إجراء تقييم لجميع أهالي الطلاب ومهنهم وظروف سكنهم لتوزيع المساعدات ولم يحصلوا على أي شيء. وقال المدير: "كل أهالي الطلاب الذين يرسلون أولادهم إلى المدرسة الرسمية "مشحّرين"، بالتالي جميعهم بحاجة لمساعدات مالية وأجهزة إلكترونية، نافياً وجود انتقال كبير من الطلاب في التعليم الخاص إلى الرسمي. وأضاف: "قد يصدف وجود بعض العائلات المتوسطة الحال التي تنقل أولادها إلى الرسمي بعد رسوب أبنائهم في الخاص". 

بدورها أكدت المديرة أنه "مع الظروف الاقتصادية الحالية، كل اللبنانيين باتوا بحاجة لمساعدات مالية"، بالتالي لجوء الوزارة إلى تحديد الأوليات لمنح الطلاب مساعدات في التعليم الرسمي غير مقبول. هذا الأمر كان يصح العام الفائت عندما طلبت الوزارة إحصاء وضع الأهالي، لكن هذا العام جعل كل الموظفين بكل القطاعات بحاجة لمساعدات، فكيف بمن يلجأ إلى المدرسة الرسمية، بسبب فقر الحال؟