Advertise here

هل تمهّد استقالة ظريف لانسحاب إيران من الاتفاق النووي؟

26 شباط 2019 14:55:00 - آخر تحديث: 26 شباط 2019 15:09:02

يبحث مجلس الشورى الإيراني الاستقالة المفاجئة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي تغيّب عن لقاءات الرئيس السوري بشّار الأسد في طهران.

إستقالة ظريف شكلت حدثاً نادراً، وقدمت صورة غير مألوفة شكلاً ومضموناً في الحياة السياسية الإيرانية منذ انتصار الثورة الإيرانية قبل أربعين عاماً. فالرجل يعتبر واحداً من قلة من المسؤولين الذين استقالوا من مناصبهم في النظام الإيراني، حيث جرت العادة أن يبقى المسؤولون الإيرانيون في مناصبهم حتى صدور قرارات من المرشد الأعلى باستبدالهم. كما أن استقالة ظريف جاءت عبر حسابه على موقع إنستغرام المسموح به في ايران، وكتب في بيان استقالته: "أعتذر لعدم تمكني من البقاء في منصبي، وعلى كل التقصير خلال أداء مهامي".
وأضاف ظريف الذي ارتبط اسمه بالاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى وألمانيا، قوله: "أقدم اعتذاري لعجزي عن مواصلة مهامي وعن جميع النواقص والتقصير طيلة فترة خدمتي متمنياً لكم الرفاهية والرفعة".

وفيما سرت شائعات عديدة عن عدم قبول روحاني الاستقالة، ذكر موقع "انتخاب" الإيراني الإخباري، أن مراسله أرسل رسالة قصيرة إلى جوّال وزير الخارجية المستقيل محمد جواد ظريف يستفسر منه عن أسباب استقالته؟ فجاءه الرد من جوّال ظريف يقول: بعد صور لقاءات اليوم لم يكن لمحمد جواد ظريف مكانة في العالم كوزير للخارجية!.

وقالت وكالة إيسنا التابعة للطلبة الإيرانيين الإصلاحيين، إن ظريف قد يقصد صور لقاءي الرئيس السوري بشار الأسد مع المرشد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني حيث لم يحضر اللقاءين. وقال نشطاء على وسائل التواصل إن ظريف لم يكن على علم بزيارة الأسد إلى طهران. وأضاف آخرون إن المرشد لم يدعُ ظريف إلى حضور لقائه مع الأسد. كما انتقد نشطاء آخرون حضور قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، اللقاء بين روحاني والأسد، معتبرين أن سليماني احتل مكان ظريف.

وفيما غاب وزير الخارجية ظريف عن لقاءات الرئيس الأسد في إيران، لأسباب غير معلومة، التقى ظريف بمجموعة من الناشطات من أجل السلام ومكافحة الحرب في منظمة "كود بينك" الأميركية، ما يعني أنه لم تكن لديه نية مسبقة لتقديم استقالته، وأن تطورات مفاجئة حصلت دفعت بالوزير، الذي يحظى باحترام كبير في عالم الدبلوماسية، إلى تقديم استقالته.
وكانت انتشرت شائعات في وقت سابق تحدثت عن نية ظريف تقديم استقالته بسبب تصاعد الخلافات بين أجنحة النظام، تحمّل ظريف مسؤولية النتائج التي وصل إليها الاتفاق النووي، كما تعرض لضغوط كبيرة من معسكر المتشددين الذي يرى أن إيران قدمت تنازلات كبيرة مقابل عدم حصولها على شيء خاصة بعد خروج أميركا من الاتفاق، الذي يحد من قدرات طهران على تخصيب اليورانيوم.

وكان لفت المتابعون خلال اليوم الإيراني الطويل تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لصحيفة (Basler Zeitung) السويسرية، عن أن الحل العسكري للوضع في محافظة إدلب السورية في شمال البلاد غير مستبعد، على الرغم من التفاهمات الروسية – التركية في تلك المنطقة.

وقال: "إننا نتحرك في هذا الاتجاه، حيث لم نرغب سابقاً في القيام بعملية عسكرية، وكنا نعمل لمنعها لأننا نعرف أن كل الأعمال الحربية في إدلب ستؤدي إلى أوضاع إنسانية، إلاّ أن سيطرة (جبهة النصرة – هيئة تحرير الشام) على مناطق واسعة داخل محافظة إدلب أفـشل المواقف الأخرى وأعاد طرح فكرة العمل العسكري".

لغة التهديد والوعيد التي لم يسبق لظريف الدبلوماسي أن اعتمدها مع الصحف الأوروبية، تعزز من الغموض الذي يحيط بالأسباب المفاجئة لاستقالته من منصبه، وبهذه الصورة الغريبة التي لم تعتد عليها الدبلوماسية الإيرانية، لاسيما قوله "أعتذر لكم عن أي تقصير و قصور بدر مني خلال مدة خدمتي، وأشكر الشعب الإيراني والمسؤولين".

فهل تنهي استقالة ظريف مفاعيل الإرث الذي حققه مع نظيره جون كيري، بعد أن فقدت طهران الأمل كليا بالحلول الدبلوماسية التي قادها ظريف، والتي أخفقت في استمالة الغرب والأوروبيين تحديداً إلى جانب الإيرانيين في مواجهة استراتيجية العقوبات التي يقودها ترامب بدعم من جون بولتون. حيث إن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يعارض أية مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة، ويصف من يقبلون عروض ترامب بأنهم "عملاء وخونة"، رداً على تصريحات ظريف التي أعلن فيها استعداد طهران للتفاوض بشروط، هل طوى المتشددون صفحة ظريف الذي "لم يعد أمامه سوى الانصراف لكتابة مذكراته مع كيري"، على حد تعبير أحد المغردين على تويتر.

 وكان ظريف لعب دوراً رئيسياً وبارزاً في المفاوضات مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري ومجموعة الدول (5+1) التي توجت عام 2015 باتفاق حول الملف النووي، والذي أصبح موضع شكوك بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

وتولى ظريف الذي يحمل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة دَنفر في الولايات المتحدة الأميركية، منصب وزير الخارجية في آب 2013، بعد أن خدم في موقع المبعوث الإيراني في الأمم المتحدة للفترة بين 2002 و 2007.