Advertise here

مهما رسم الأشرار… الجبل فوق الجميع وغداً يوم آخر

04 كانون الأول 2018 12:41:57

الشهامة تقضي بالصمت في لحظة الحداد. والوفاء يمضي بلا كلام على الدماء. أما في حالات اللامبادئ، وغير الحرص سوى على الذات والملذّات، فتسقط الاعتبارات وتستباح المحرّمات. تتبادر هذه العبارات إلى الذهن مع مشاهدات الضحكات، والقهقهات المجلجلة التي ارتسمت على وجه أحد مدّعي الحزن في لحظة الممات. لتُسقط القناع، عمّن يدّعي صون الحرمات، والتصدي للهجمات. وربما الهجمة التي يعجز عن الوقوف في وجهها، تبقى شراهة الغايات وما يضعه في رأسه من حسابات، وإن كانت على حساب الأهل والبلاد.

هذه الأنواع من الناس، لا تجد غير الشتيمة وسيلة للعودة إلى الأضواء، ولا طريق أمامها سوى المهانة وافتعال الضوضاء، بحثاً عن فرص للبقاء. لم يرأف بجاهليته حتّى، ولا بأهلها المفجوعين. أخذ المشي مزهواً كالفاتحين، يضحك لقوة أمر واقع، ومستوزرين. وكأنه استعاد مجداً بتجارة الأنين. ربما لم يستمع لآهات المثكولين، ولا تعنيه حماية الآمنين. فطعن الوفاء بسكين، جاهز لغرزه في خاصرة السنين.

كانت الجاهلية في وادٍ، ومن يدّعي نفوذاً فيها، في حضيض. يوزّع ابتساماته على زوار انقطعوا عنه لسلاطة لسانه وانعدام اتزانه. فوجد في ذهاب أحد مرافقيه ضحية حساباته، فرصة للعودة إلى حالة اختلالاته، وتوسيع آفاق هذيانه. فعاد بكلام لا يربطه وئام، ولا يخرج إلا من أفواه اللئام، في اللعب على التناقض وزرع الفتن وبث الضغائن واستنشاق الخصام.

ولأن لا كلام على دماء، التزم الحزب التقدمي الإشتراكي طوال الأيام الفائتة صمت الاحترام، وحرمة جبل الشِمام. لكن للمواقف فصل آخر، تكون حين يكون الأوان، حيث لا تجارة ولا للموت امتهان. وللموقف تتمة، لما أعلنه وليد جنبلاط، المستهدف باستهداف جبله، وبزرع الشقاق بين الأخوة والرفاق، باستثمار من قبل شذاذ الآفاق، سعياً للاستفادة من أي شرخ وافتراق.

ولأن فصل الكلام يبقى لدى سيّد الكلام. فخير الكلام ما قلّ ودلّ. والاستدلال على الزعامات يكون بالأفعال لا الأقوال. قال وليد جنبلاط كلمته ومشى، قدّم التعازي بفقدان أحد الأبناء، جدد العهد والوعد بخدمة الأشقاء والأحباء بعيداً عن الخلافات. ومضى إلى حيث يعاد اللقاء، على كلمة سواء، الحوار، والتهدئة في سبيل الاستقرار، لأن الجبل مؤتمن على وطن. ولا مجال للانتصار على دولة وقرار. مهما رسم طامحون وأشرار. يبقى الجبل فوق الجميع، والمختارة دار وسيع، مداه يحتضن الجميع. وغداً يوم آخر، والثوابت على ثوابتها، وفق فصل الكلام، بمعزل عمّا يخطِّط اللئام.