Advertise here

غياب النص لا يعني إغفال مهلة معقولة للاستشارات النيابية.. وبعبدا تصرّ على الاستمهال

مزيدٌ من التعقيدات في مسار المساعي.. ودخولٌ روسي على الخط

29 أيلول 2020 05:58:00 - آخر تحديث: 29 أيلول 2020 17:36:05

لم تتحرك عجلة الاتصالات المحلية الفعلية بعد، وذلك لكون القوى الأساسية التي اتهمها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتعطيل مهمة الرئيس المكلف السابق مصطفى أديب، لا تزال بعد تدرس ردها وطريقة تعاملها مع الواقع المستجد، وسيكون لكلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله اليوم الدلالة الواضحة على كيف تتجه الأمور في هذا الصدد.
 
وعليه قد لا تكون مهلة الستة أسابيع التي منحها ماكرون للقوى السياسية، كافية لكي تتشكّل حكومة "المَهمة"، ما يعني تأخّر الدعم المنتظر للشعب اللبناني وتأخر انعقاد المؤتمر الذي وعد به ماكرون لمساعدة لبنان.
 
في غضون ذلك برز دخول لدور روسي على الخط تمثّل بالإعلان عن زيارة قريبة لوزير الخارجية سيرغي لافروف إلى بيروت، وبالاتصال الذي أجراه مبعوث الرئيس الروسي الخاص ونائب وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، استعرضا خلاله الأوضاع الراهنة في لبنان.
 
وفي السياق المحلي، توقعت مصادر قريبة من الثنائي الشيعي الذي اتهمه ماكرون مباشرة بالعرقلة وتعطيل عملية التأليف، أن يتولى نصرالله في اطلالته مساء اليوم الرد، "عبر تفنيد مواقف الرئيس الفرنسي منذ زيارته الأولى إلى بيروت بعد حادثة المرفأ"، وفق تعبيرها.
 
ورأت المصادر في اتصال مع "الأنباء" أن "رد نصرالله على ماكرون سيكون من نفس الحجم الذي خاطب فيه سيد الإليزيه القوى السياسية، لأن نصرالله سينطلق في كلامه من بيان الخارجية الإيرانية التي رفضت فيه تدخل أي قوة خارجية بالشؤون اللبنانية". وذلك يعني بطبيعة الحال مزيداً من التعقيدات التي ستؤخر بالطبع أي مسار حكومي يعوّل عليه لإنقاذ لبنان.
 
وفيما أعلن المعاون السياسي للرئيس نبيه بري، النائب علي حسن خليل، أن عين التينة لن تعلق على اتهامات ماكرون للثنائي الشيعي بالتعطيل، مؤكداً في سياق آخر أن لا شيء يمنع رئيس الجمهورية ميشال عون من التواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتشاور معه بموضوع تشكيل الحكومة، فإن مصادر بعبدا أعربت عبر "الأنباء" عن "انزعاج من كلام ماكرون باتهامه الجميع بالخيانة والتفلت من التزاماتهم حيال ما وعدوا به في قصر الصنوبر"، وطالبت بأن "تبقى رئاسة الجمهورية بمنأى عن هذا السجال، لأن عون كان من أشد المتحمسين للمبادرة الفرنسية ويعتبرها خشبة الخلاص"، معتبرة أن "العرقلة كانت في مكان آخر، وبالتالي بين بيت الوسط ورؤساء الحكومات السابقين الذين أقنعوا الرئيس المكلف بعدم التشاور مع القوى السياسية في عملية التشكيل، وتولوا هم عملية التشكيل نيابة عنه، وبين الثنائي الشيعي المعترض على مبدأ المداورة من خلال تمسكه بوزارة المال، وأن يتولى هو تسمية الوزراء الشيعة بنفسه"، ورأت أنه "بوصول الأمور إلى هذا المنحى كان من حق الرئيس عون أن يسمي الوزراء المسيحيين"، وأصرّت على أن "عون كان من أول المسهّلين لعملية التأليف، ولا يمكن تحميل الرئاسة الأولى مسؤولية الفشل، ودفع مصطفى أديب إلى الاعتذار".
 
مصادر سياسية مطلعة أكّدت أن، "لا تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة هذا الأسبوع، وربما ليس في الأسبوع الذي قد يليه، خاصة وأن لا نص دستوري يلزم رئيس الجمهورية بمواعيد محددة لهذه الاستشارات، الأمر الذي يعيد البلاد إلى البدع، لا سيما بدعة التأليف قبل التكليف"، مشيرة إلى أن "عون قد يأخذ وقته قبل الدعوة للاستشارات، كما فعل في المرتين الماضيتين".
 
المصادر السياسية تخوفت من أن "تمضي مهلة الستة أسابيع من دون تحديد أي خرق على خط تشكيل الحكومة، لأن لا شيء يوحي أن بعبدا والثنائي الشيعي متحمسان لإنجاز هذا الاستحقاق"، سائلة: "ماذا سيكون الموقف الفرنسي حينها؟"، ولفتت إلى أن "ماكرون لا يريد أن يخرج من لبنان مهزوماً، وربما يكون لديه خطة "ب" لينتقل إليها في هذه الحال".
 
وفي غضون ذلك تتحضر الكتل النيابية لانعقاد الجلسة التشريعية غداً، حيث توقعت مصادر عين التينة عبر "الأنباء" ألا تخلو مداخلات النواب فيها، "من التعليق على كلام ماكرون، إذ أنه حق مشروع لكل نائب يعتبر أن كلام الرئيس الفرنسي أصابه في مكان ما".
 
مصادر بري أكّدت، "استمرار التنسيق والتواصل بين عين التينة وبعبدا لتوحيد المواقف قبل تحديد موعد لجولة جديدة من الاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف خلفاً لأديب".
 
وفي هذا السياق، أوضح رئيس "مؤسسة جوستيسيا"، المحامي بول مرقص، عبر "الأنباء" أن "رئيس الجمهورية كان أعلن أنه لن يدعو لاستشارات سريعاً بانتظار نضوج الظروف الآيلة لتسمية رئيس حكومة بنظره، حتى لا يُسمّى رئيساً للوزراء ويعتذر عن التشكيل"، قائلاً: "هذا الأمر من الممارسات المستجدة، والتي لم تكن قائمة في السابق إلّا بما ندر، ولم يحصل مع الرؤساء السابقين حيث كانوا يدعون إلى استشارات نيابية ملزمة عند استقالة الحكومة، وهذا يجنّب البلاد أزمة تكليف دون تأليف حسب وجهة نظره، تقابلها وجهة نظر أخرى بأن تُترك الكتل النيابية في إطار سياق حر وطبيعي حتى تقوم بإجراء الاتصالات فيما بينها عشية الاستشارات الملزمة، وأن تُترك اللعبة الديمقراطية لتأخذ مجراها بالكامل حتى ولو كُلّف رئيس ولم يشكّل واعتذر، وإذا ما توصّل إلى تشكيل حكومة فإما أن تنال الثقة أو لا تنالها".
 
لكن مرقص لفت إلى أن، "الرئيس عون أخذ بوجهة النظر الأولى. وبمطلق الأحوال ليس هناك من مهلة في النص الدستوري تجبر رئيس الجمهورية بالدعوة إلى استشارات نيابية خلالها، الأمر الذي يعني بحسب الفقه الدستوري السائد على المستوى المقارن أن ثمة مهلة ضمنية للدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة، ولو لم يذكرها النص صراحة، وهي مهلة معقولة وتُطبّق كلما كانت حالة البلاد تستدعي حكومة على وجه عاجل، كما هو الحال في لبنان راهناً".