Advertise here

قبل أن تتبخر الفرصة

28 أيلول 2020 15:18:11 - آخر تحديث: 28 أيلول 2020 15:18:12

تردّدت على مسامع اللبنانيين عقب ثورة 17 تشرين عبارة صدحت بها الحناجر، وطغت على الخطابات: "ما بعد 17 تشرين ليس كما قبله". وعادت هذه العبارة تتردد من جديد بعد انفجار المرفأ: "ما بعد 4 آب ليس كما قبله". لكن الثابت حتى الآن أن ما قبل 17 تشرين هو نفسه ما بعد 17 تشرين، وما قبل 4 آب هو نفسه ما بعد 4 آب. والسبب في ذلك طبعاً إنما هو الاستبداد والتسلّط، وفائض القوة لدى الزمرة الحاكمة، والفساد الذي تنتهجه، والمغانم التي تجنيها على حساب لقمة عيش المواطن، وأمنه، واستقراره، وهذا ما يجعلها تمعن في قهر الناس للحفاظ على استمرارها في السلطة.

 حتى الساعة ما زالت الزمرة الحاكمة تتصرّف وكأن شيئاً لم يكن، وكأن شيئاً لم يحدث، لا ثورة 17 تشرين، وما رمزت إليه، وما كشفته من عورات السياسة في لبنان، ولا انفجار 4 آب وما خلّفه من دمار، وشهداء، وجرحى، ومفقودين.

لماذا؟ بكل بساطة لأن الاستبداد سيّد الموقف، ولأن مكابرة من يمسك بزمام الأمور لم تهتز ولم تتأثر. والسبب في ذلك كله هو التسلّط المحمي بالقوة من جهة، وشراهة الكرسي من جهة أخرى. هكذا التقى الجريئان الوقحان: مشتهو القوة ومشتهو السلطة، فكان ما كان، بلد مدمّر، وخراب في كل مكان، وانهيار اقتصادي، وانهيار مالي، وشحٍ في العملة الأجنبية، وأزمة وقود، ودواء.

أوصلتم البلد إلى الجحيم الذي وصل إليه، وإلى جهنّم كما قلتم. كل هذا ولا زلتم كما أنتم، كما كنتم، وكأن شيئاً لم يكن. تصرّون على الاستمرار غير آبهين بوجع الناس وآلامهم وجوعهم وتشرّدهم وفقرهم وبؤسهم. تريدون تسمية الوزراء وتتمسّكون بوزارة من هنا وإدارة من هناك. ألا تخجلون من أنفسكم؟ من أي طينة أنتم؟ 

كابرتم واستكبرتم حتى تبخّرت الفرصة الأخيرة والرعاية الدولية التي كانت بمثابة خشبة خلاص، واعتذر الرئيس المكلف ودخلنا في المجهول، فإلى أين ستأخذوننا بعد؟ 

أيها السادة المكابرون، مبروكٌ عليكم إنجازاتكم العظيمة، وفسادكم، وما كسبتموه من مغانم. مبروكٌ عليكم أساليب النهب. مبروكٌ عليكم نفوسكم الحاقدة. مبروكٌ عليكم الدولة التي حولتموها إلى مغارة. 

ماذا بعد، وما هي مشاريعكم التي ستعتمدونها؟ وهل ستأخذوننا إلى الفوضى، وستحرّكون مجموعاتكم التي زرعتموها لتبرّروا استمراركم بالسلطة؟
 
مبروكٌ عليكم هذا الدمار الذي جلبتموه للحجر، والبشر، وللدولة، ومؤسّساتها على السواء. وباعتراف الداخل والخارج لقد فشلتم وبجدارة، وآن لكم أن ترحلوا قبل فوات الأوان. وعندها لن يحميكم تسلّطكم، ولا استبدادكم، ولا فائض قوّتكم.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".