Advertise here

لعبة الأمم تغرق مبادرة ماكرون في لبنان.. وأمل وحيد بإعادة إنعاشها

لبنان أمام مشهدين.. إيطالي في الكورونا وفنزويلي في الاقتصاد

27 أيلول 2020 05:42:00 - آخر تحديث: 28 أيلول 2020 06:00:46

هي لعبة الأمم التي أتقن المولجون شؤون البلاد الغرق فيها منذ سفر تكوين هذا البلد، فيُغرِقون معهم كل أنواع الفرص، ويهدرون الوقت لمصالح لا تمت بصلة لمصلحة اللبنانيين الذين أرهقتهم الأزمات ودفعت بهم إلى اليأس الجماعي تحت وطأة البازار الدولي الذي لا يأبه اللاعبون الكبار فيه بكل ما يرزح تحته المواطن اللبناني. هكذا تعرضت المبادرة الفرنسية إلى دفعة على حافة الفشل، وكانت نتيجتها اعتذار مصطفى أديب عن مهمة تشكيل الحكومة. ولم يعد هناك أمل سوى بإدخال مبادرة إيمانويل ماكرون إلى غرفة العناية الفرنسية، وإعادة إنعاشها بزخم وحسم.

خروج أديب كشف زيف كل الذين ثقبوا الآذان بالادعاءات بالالتزام بالمبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان. وحده صوت رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، يرتفع وبشكلٍ متكرر ليحذّر الجميع من ارتكاب جريمة قتل المبادرة الفرنسية، لكنه كان وحيداً. وسط كل ذلك يتّجه لبنان صحياً إلى مشهد كارثي في انتشار فيروس كورونا يشبه السيناريو الإيطالي، فيما يتجه في الاقتصاد، ومع نفاد احتياطي مصرف لبنان، إلى. مشهد يحاكي السيناريو الفنزويلي.

مصادر الفريق الذي كان سمّى أديب، أشارت عبر "الأنباء" إلى أن، "اعتذاره كان مفاجئاً للفريق الذي دفعه إلى هذا الخيار، أكان الثنائي الشيعي أو الرئيس ميشال عون"، واصفةً هذا القرار "بالشجاع"، مع إشارتها إلى أن،  "قبول عون للاعتذار بشكلٍ فوري لم يكن منصفاً، وبالتالي فإن إعلان الأخير تمسّكه بالمبادرة الفرنسية لم يكن مقنعاً".

وفيما اكتفت أجواء بيت الوسط بالبيان الذي صدر عن الرئيس سعد الحريري، أكّدت مصادر "المستقبل" عبر "الأنباء" عن ارتياحها لموقف أديب، واصفةً إياه "بالضروري لفضح مواقف المعرقلين الذين ما فتئوا يستبيحون كل شيء إرضاءً لتسلطهم ومصالحهم".

مصادر المستقبل كرّرت القول إن، "الحريري قدّم أكثر ما يمكن لتسهيل مهمة أديب لتشكيل حكومة الإنقاذ، لكن أديب جُوبهَ بشروط على عكس ما تم التعهد به أمام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فآثر الاعتذار، وهو موقفٌ جريء ووطني".

في المقابل، تمسّكت مصادر بعبدا في حديثها مع "الأنباء" بمقولة إن "الرئيس عون، ومنذ تكليف أديب، كان دائماً إلى جانبه باعتباره شريكاً أساسياً في عملية التشكيل، لكن أديب في كل اللقاءات التي عقدها معه لم يعرض عليه أي تشكيلة حكومية ولا أية اسماء، وبالتالي فإن رئيس الجمهورية لا علاقة له بالأسباب التي دفعت أديب إلى الاعتذار، وهو في هذه الحالة لا يسعه إلّا قبول الاعتذار".

مصادر بعبدا أشارت إلى أن، "عون سيتشاور مع ماكرون حول استمرار المبادرة الفرنسية قبل تحديد موعد للاستشارات النيابية لتكليف شخصيةٍ جديدة لتولي رئاسة الحكومة"، كاشفة عن أنه "قد يدعو إلى لقاء يُعقد في القصر الجمهوري يحضره رؤساء الكتل النيابية للتداول في أوضاع البلاد، وبالأخص في تأكيد المداورة في الحقائب الوزارية دون استثناء". إلّا أن المصادر لم تحدّد موعداً لهذا الاجتماع.

توازياً، أعربت مصادر عين التينة عبر "الأنباء" عن تمسّكها بالمبادرة الفرنسية التي تعتبرها "خشبة الخلاص للبنان"، متمنيةً على عون الإسراع في الاستشارات النيابية لاختيار خلفٍ لأديب.

وأكّدت مصادر عين التينة أن موقفها لن يتغيّر بموضوع وزارة المال "باعتبارها شأناً ميثاقياً لا رجوع عنه، وكل الأمور الأخرى قابلة للحل".

وعن اتّهام الثنائي الشيعي بإسقاط مهمة أديب، قالت المصادر: "فليُسأل مَن كان يشكّل الحكومة في الكواليس من دون الوقوف على رأي الكتل النيابية".


في مقابل كل هذا التخبّط السياسي، وبعد اعتذار أديب، عاد القلق الكبير من الانهيار الاقتصادي والمالي ليسيطر على اللبنانيين، خاصة وأن سعر صرف الدولار سجّل ارتفاعاً بمجرد إعلان بيان الاعتذار.

إلّا ان الخبير المالي والاقتصادي، انطوان فرح، قلّل في حديثٍ مع "الأنباء" من مخاطر ارتفاع الدولار إلى أرقام خيالية كما يتوقع البعض بدءاً من الأسبوع المقبل، لأن ذلك يتعلّق بالمسلك السياسي الذي سيُتّبع بعد اعتذار أديب، والجهد الذي سيُبذل لإحياء المبادرة الفرنسية، وهذا يتوقف على ما سيقوله ماكرون في مؤتمره الصحافي، فإذا أكّد أن المبادرة مستمرة وهي غير مرتبطة بأشخاص شيء، وإذا أعلن انتهاء المبادرة فشيءٌ آخر، فنكون بالتالي ذاهبون إلى جهنم، كما قال الرئيس عون".

فرح كشف أنه "لم يعد لدينا إلّا احتياطاً محدوداً في مصرف لبنان، وكان الحديث يدور حول إطالة عمر الدعم لبضعة أشهر لنتمكن من تأمين المساعدات، ولكن الآن وفي ظل التعثّر في تأليف الحكومة ماذا يمكن أن يفعل إذا لم يكن لدينا خطة إنقاذ؟"

وقال فرح: "نعم هناك كارثة متوقعة إذا لم يكن لدينا من حلٍ قريب لأزمتنا، والدولار في السوق السوداء سيرتفع بالطبع، ولكن بشكلٍ محدود، إلّا أن الكارثة الحقيقية ستكون بعد أشهرٍ قليلة، فعندها يدخل البلد في مرحلة التضخّم المفرط ما يعني أننا وصلنا إلى المشهد الفنزويلي".