Advertise here

ربّنا نجّنا من شر الاستبداد والانتهازية

26 أيلول 2020 16:10:00 - آخر تحديث: 26 أيلول 2020 19:22:41

"نحن في حاجةٍ إلى طوفانٍ جديد،
 لتمضي السفينة بقلةٍ من الفضلاء
 ليعيدوا خلق العالم من جديد..." -  نجيب محفوظ

الأزمة المتجدّدة لم يبدأها أهل لبنان فحسب، ولذلك البعض ليسوا معنيّين بإنهائها، والبعض قطعاً يتمنّون إنهاءها ولكنهم أضعف من ذلك بكثير، فهي أزمة بدأت وستنتهي، وبالتحديد على يد المتنازعين على مصالحهم الخاصة، ولو أن مصالحهم هي على لبنان.

لقد اجتمعت آراء الجمهور المتألّم،  والموجوع، والمفلس، على أن الأزمة سوف تستمر، وهي مبنيّة على منطق اللّا- مبالاة، ولسان حال كل مواطن يقول كفى وخلصنا...

لكن ما لا يدركه الكثيرون هو أنّ في الأزمة أكثر من الخطأ، ثمة خطيئة يجب أن تُقترف، وهي أن تكون طرفاً فيها، طرفاً بالنزوح، وطرفاً بتشريد الآلاف، ومنهم من يموت في البحر. ولذلك فحجم الكارثة يكمن في مدة الأزمة. فكلّما كانت المدة أطول كان الرصيد الذي تقدّمه الدول المشاركه في الأزمة أثقل وأكبر....

وكأنّه في المقاييس الأخلاقية الحديثة لا يوجد مكان للتسويات من أجل الوطن والمواطن.

ولأنّ المستفيد الأكبر من هذه الأزمة، لا بل من الأزمات، والتي ترجع إلى أسبابٍ كثيرة، وإلى ما يدور داخل الوطن وخارجه ومنها انتخابات، ومفاوضات، وتطبيع، وصفقات معلنة وغير معلنة.

ولكن ممّا لايدع مجالاً للشك فهو أن الأزمة لها عاملٌ كبيرٌ في هذا الجو العام والعولمة الجديدة، وإذا لم يكن ذلك بشكلٍ كامل فبشكلٍ رئيسي. فالأزمة، وللأسف، تجارة أوجاع المواطن، وهي باتت أغلى من تجارة النفط، وأغلى من جميع الموارد لأي بلد ما، أي أن الأزمة لن تنتهي سوى بانتهاء انتخابات الولايات المتحدة، أو قبل التسوية الأميركية- الإيرانية.

أمّا السؤال، لماذا العالم يُسارع إلى لبنان؟ فالجواب هو لأنّه حساسٌ ويتأثّر بما يدور حول العالم، ولأنّه صندوق بريدٍ أمينٍ وناشط بين صراعات الدول.

ولربما غلط لبنان بتكوينه الطائفي، رغم ذكاء شعبه وطيبته، لكنّ اللبنانيين بسطاء أحياناً فيما يتعلّق بمصلحة الوطن وأنفسهم. لذلك إن وُجدت بعض المسكّنات، وإن أتت، فإن الوجع باقٍ  ببقاء العقلية الرجعية المتحجّرة والطائفية، والمحاصصة، والتي تعود بأسبابها إلى الذات والمصلحة الشخصية. لذلك إن التاريخ سيكرّر نفسه، والأزمة، ليست من اليوم، بل منذ البداية هي أزمة ثقة بين المواطن والمسؤول، وأزمة المواطنية.

للأسف نقول إن الأزمة تتدحرج وتكبر، ونعلم علم اليقين، بعد أن كنا نتساءل، إلى أين؟؟

أصبحنا نعرف إلى أيّ جهةٍ نرحل، وبئس المصير، وأصبح المجهول معلوماً. ويجب أن يعلم مَن هو بحاجة ليعلم أنّ الثلث المعطّل، ونوع الوزارة سيادية كانت أو دسمة، أو عادية، أو خدماتية، لا تطعم جائعاً، ولا تأوي مشرداً، ولا تنقذ غريقاً. فكلّنا في المركب، وإذا غرق لا سمح الله فلن ينجو أحداً.

ونسأل ولاة الأمور، ماذا تفعلون وتخططون هل للرحلة الموعودة التي تُغرقنا جميعاً، أو لإنقاذنا جميعاً؟
 

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".