Advertise here

سد بسري بين الحلم والحقيقة

25 شباط 2019 10:50:00 - آخر تحديث: 25 شباط 2019 12:43:49

الماء نعمة من الله أعطانا إياها الخالق إلى جانب طبيعة خلابة امتاز بها وطننا عن الدول المجاورة.

الماء معركة المستقبل، التي ستتجاوز معركة النفط.

معركة المياه معركة تاريخية مع العدو الإسرائيلي الذي يحاول وربما استطاع جر مياه الحاصباني والوزاني ويضرب بعرض الحائط كل الاتفاقات الدولية. فعدوّنا اللدود يقيم اتفاقيات مع تركيا لاستجرار المياه منها إلى الأراضي المحتلة.

كل الخبراء وفي كل أنحاء العالم يقرون أن هذه المعركة هي معركة المستقبل في ظل تناقص المتساقطات والشح المائي الذي يجتاحنا بالرغم من كرم هذه السنة تحديداً بغزارتها.
البيئة جميلة خلابة، ولكن الحياة تبقى أثمن وأغلى، من هنا كان اللجوء إلى السدود لتأمين مياه الشفة، للاكتظاظ السكاني الموجود في المدن، والمسبب الأساسي له، غياب إنماء الريف من سياسة الحكومات المتعاقبة، وكان هذا العنوان الذي طرحه المعلم منذ بداياته السياسية، وللأسف وبعد شهادته انتقلنا إلى معركة البقاء بالمعنى الوجودي ولا زلنا نعيش هذه المرحلة.
نعود إلى موضوعنا الأساسي وهو سد بسري، هذا المرج الخلاب الواقع بين محافظتي جبل لبنان والجنوب، قضينا في سهوله وقتاً من طفولتنا وشبابنا.

مرج جميل يجتازه نهر الباروك ليلتقي مع نهر باتر ونهر جزين لتشكل لوحة جميلة. ولكن يا ترى ألا يستحق حل مشكلة ثلث سكان لبنان من المياه تضحية من أخوتهم في الوطن؟.

إن الهدف الأساسي من إقامة السد هو تأمين مياه الشفة لبيروت الكبرى، وهذا ليس إلا هدفاً وطنياً مهماً حيث يعيش في بيروت الكبرى ما يقارب ثلث سكان لبنان.

وحسب معلوماتي يخضع تنفيذ السد لمواصفات بيئية عالية المستوى تساهم محمية أرز الشوف في تقديم النصح والاقتراحات المجدية في موضوع البيئة، إضافة إلى تأمين الصرف الصحي لجميع القرى حول الحوض من الباروك وحتى قرى قضاء جزين للمحافظة على نظافة المياه.

إن اللجوء إلى الآبار الجوفية موضوع بدأت الحكومات المتعاقبة الحد منها نظراً لخطرها على الثروة المائية ومن المتوقع أن تنعدم رخص حفر الآبار في المستقبل المنظور.

إن اللجوء إلى تحلية مياه البحر حل يرتجى ولكن دونه مشكلة وطنية أخرى نرزح تحت وطأتها وهي مشكلة الكهرباء.

إن البرك الشتوية الصغيرة حل مناطقي وليس وطنياً. فالعشرات منها وجد برعاية وليد جنبلاط في أعالي جبال الشوف تستعمل بشكل أساسي في الزراعة.

إن الفساد المستشري في النظام اللبناني أفقدنا الثقة به، فأصبحنا نشم رائحة الصفقات تغطي على كل الروائح الجميلة. فالمطلوب وبخط متوازٍ ضرب جذور الفساد إلى جانب مراقبة المشاريع الانمائية. إن الكميات الهائلة من المياه التي تصب في البحر تساوي لو استطعنا إدارتها ثروة النفط والغاز.

ان تعبئة الناس بأسلوب شوفيني لطالما وقفنا ضده لأننا لم نتعلم في مدارسنا إلا الوطنية السمحاء الصافية النقية.

وهل وجود قرى الشوف الأعلى وجزين على بحيرة جميلة يشكل ضعفاً في موقعها؟ ألا تستحق أن نشبهها بأحلى الأماكن في العالم الواقعة على بحيرات؟

وهل الرعاية البيئية التي يشكلها المشروع لهذه القرى التي أكل زراعتها الإهمال لا تستحق التفكير؟

إن انعدام الثقة بيننا كأهالي قرى محيطة بالمشروع هو الإشكالية الأساسية التي تنتابنا. فليست هذه تربيتنا. فإما أن تكونوا ضد المشروع أو  أنتم عملاء أعداء.  لقد تعودنا أن نبدي آراءنا بأسلوب حضاري تميزنا به طيلة حياتنا.

- إن بعض الطروحات بالنسبة لكلفة السد الذي لا يتجاوز المئتي مليون دولار وطروحات البعض أنه يتجاوز الملياري دولار يجعلنا نضع علامات استفهام على معارضة المشروع.

- إن إعادة أجواء الحرب والتوجه لإثارة الغرائز التي عملنا على دفنها لإعادة الوحدة الاجتماعية التي فقدناها في سني الحرب، يعتبر خطاً أحمر لا يجب اللعب به.

- إن نشر المغالطات حول جر مياه القرعون الملوث إلى بسري لا يمت للحقيقة بصلة، كون بسري أعلى من جون حيث يولّد الليطاني كهرباء وبعده تدفع مياه الليطاني إلى محطة تكرير أسوة بجميع المياه التي ستدفع إلى بيروت.

إن الرؤية الصادقة لهذا المشروع والتي تستند إلى الواقعية العلمية الوطنية وليست العاطفة الشوفينية الضيقة هو المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة التي نمر بها.