Advertise here

ورقة "نعوة" الجمهورية

20 أيلول 2020 12:59:12

باتت الدولة اليوم عاجزة كل العجز عن مبدأ الحماية الاجتماعية وتقديم الطمأنينة لمواطنيها. وكما كانت دائماً، فهي ليست قادرة على حماية المدنيين، فكيف العسكريين؟؟ 

دولة ليست قادرة على أن تكتشف آثار المجرم  في مسرح الجريمة، وباتت شخصية "نيكروفيلية" تعشق الموت والجثث والدماء0 

أصبحت دولتنا المريضة مثل شريطة سوداء تُقدَّم في كل واجب عزاء بمواطنيها، ونشيدَ مَن "يعبرون الجسر في الصبح خفافاً"، بينما كانوا يعبرونه  لأجل العيش بكرامة.

دولةٌ باعت السيادة والحرية منذ زمنٍ طويل عندما قرّر البعض حملَ البندقيّة وتوجيهها صوب الشعب اللبناني.

دولةٌ شرّدت شعبها. استعمرت أفكارهم. أغرقتهم بالحقد والطائفيّة، وأهدتهم دماراً، وانفجارات، وبراكين، وأزماتٍ، وأفلامٍ  سوداويّة في نفوسهم.

دولةٌ لم تتحمّل يوماً مسوؤلياتها. تخاف من المواجهة. تخاف من شعبها على مكاسبها. لا يهمّها اتّساخ سمعتها أمام الرأي العام فقد مات ضميرها يوم اتّفق حكّامها على نهب الوطن. يسرقون بمهارةٍ واحتراف، ويدَعون شعبهم يموت قهراً وفقراً. 

يبرعون بتعليق "النعاوي" أمام صندوق النقد الدولي، والمصارف، والاقتصاد العالمي، والمجتمع الدولي، وعلى الحدود اللبنانية لنهب المساعدات... فلم تشبع بطونهم المنتفخة، لأنها أضحت كحفرةٍ من النّار، وسوف تحرقهم قريباً.

دولةٌ حفِظت الأمن أمام مجلسها، ومقرّاتها، وأديرتها، وأوقافها، وسرقت أمن المواطن. 


دولةٌ اشتُهرت بالتطبيل والتزمير أمام المساعدات الإنسانية، ومشت خلف توابيت أبنائها، ولم تقدر يوماً أن تقول لهم توقّفوا، هنا يتوقّف الموت!

يقبع نظام العدالة الاجتماعية، وضمان الشيخوخة، ومراقبة القضاء، والاستشفاء، والتربية والتعليم، والاقتصاد، والبيئة، في أدراج مجلسها الطائفي العفن، وأُقفل عليه بقفل المذهبيّة.

وعدونا بالإصلاح والتغيير. 
وعدونا بالأمل والمستقبل. 
وعدونا بالحقيقة. 

فكانت قصة "عالوعد يا كمّون"، تُقرأ لنا قبل أن نغفوا على خطاباتهم التي روت عروقنا بفيروس الكذب المرير. 

تشرّبنا أن الوطن أغلى من كل شيء، فوجدنا أننا أرخص شيء في بلد حُرمنا فيه من كل شيء، إلّا من الحقد والكذب والطائفيّة.

الدولة اليوم أسيرة منظومة فاسدة أفسدت البلاد، ولم يكن لها تاريخ منذ ولادة دولتها. 

قانونها مسودّة، ومجلسها مشرّد، وعقلية القطيع تتماوج بين دفة واخرى، في غابة يسكنها أشباح المال، وشياطين القضاء، وملوك الطوائف، وآلهة التمر والخمر.

لم نعد نشعر بالمواطنية، بل بتنا نشعر بنسائم الهجرة غير الشرعية، والسفر الأبدي.

نشعر بروح إيجابية تجاه الاغتراب، ولدينا الاستعداد لبيع بيتنا القروي الجميل لنهاجر، فنعيش في دولة تحترم الإنسان مدنياً، وتحترم حقوقه ومشاعره، وتحقّق استقراره. 

أوصلتنا هذه السلطة إلى حافة العمالة، وإلى خيانة النشيد، وتشويه الخريطة، ولعن الجمهورية، وطلب الموت، حتى ولو بالمال.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".