Advertise here

القمة العربية – الأوروبية: مجرد لقاء تذكاري أم مقررات قابلة للتنفيذ؟

24 شباط 2019 17:00:05

تستضيف مصر في منتجع شرم الشيخ، أول إجتماع موسع على مستوى القادة والزعماء العرب والأوروبيين، في قمة عربية أوروبية تبحث القضايا المشتركة والاستراتيجية بينهما، ويتقدم الحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي وصل إلى شرم الشيخ ليرأس وفد المملكة، كما تحضر القمة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، والممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فريديريكا موغيريني، حيث من المتوقع أن يبحث المشاركون في القمة قضايا استراتيجية مثل، حماية النظام الدولي المتعدد الأطراف والمناخ والاستثمار والتعليم، إضافة إلى النزاعات الساخنة في ليبيا وسورية واليمن والصراع العربي الإسرائيلي.

يترأس القمة التي يصفها المشاركين فيها بـ"التاريخية" عن الجانب العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي وعن الاتحاد الأوروبي رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك. ووفق جدول الأعمال الذي وزع في بروكسيل، تنطلق الجلسة الافتتاحية الساعة الخامسة من مساء الاحد بالتوقيت المصري، تليها جلسة يبحث فيها قادة الدول الـ 49 الأوروبية والعربية سبل "تعزيز الشراكة الأوروبية- العربية ومواجهة التحديات الدولية معاً". وبعد الصورة الجماعية لأول قمة أوروبية- عربية، يلتقي القادة على طاولة العشاء في ضيافة الرئيس المصري.

مصادر في الاتحاد الأوروبي أوضحت لـ "الأنباء" في اتصال هاتفي، أن لدى المجتمعين في قمة شرم الشيخ وجهات نظر مختلفة في العديد من المجالات السياسية، لكن الحوار والتواصل مع بعضنا البعض والتعامل مع بعضنا البعض هو السبيل الوحيد لإقامة علاقات مستقبلية، سيما وأن 24 من 28 من رؤساء الحكومات في الاتحاد الأوروبي يحضرون القمة".

ونقلت المصادر عن الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فريديريكا موغيريني، قولها أنه بعد الإجتماع التحضيري الذي عقد في بروكسل قبل أسبوعين من الآن بين وزراء الخارجية العرب والأوروبيين، تبين "أننا نتفق على 90 إلى 95 في المئة من القضايا، لا سيما الموقف المتعلق من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وإننا نتفق على الحل الذي يقوم على قاعدة إقامة دولة فلسطينية موازية دولة إسرائيل. وأن تكون القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة للدولتين".

وترى المصادر أن بهذه الطريقة، ينأ الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية عن موقف الإدارة الأمريكية، الرافض لحل الدولتين.  

وستتناول المناقشة في القمة أيضًا، فكرة إقامة مراكز اللجوء في شمال إفريقيا، حيث يمكن للمهاجرين التقدم بطلب اللجوء إلى الدول الأوروبية التي تبحث في طلباتهم وتتولى نقلهم وتوزيعهم على دول الاتحاد، كما ترغب دول الاتحاد إقرار عدد من الاتفاقيات لإعادة التوطين مع الدول العربية لطالبي اللجوء أو المهاجرين المرفوضين لديها، فيما يرفض القادة العرب هذه الفكرة، لناحية انشاء مراكز تجمع للنازحين على أراضيها، أو توقيع اتفاقيات لإعادة النازحين غير المقبولين في أوروبا، كما ترفض المجر هذا المشروع، لأن الحكومة في بودابست لم ترغب التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الهجرة تحت أي ظرف من الظروف.

وفي هذا السياق، أشار الدبلوماسي الأوروبي، إلى أن "التوصل الى اتفاق في هذا الخصوص سيكون صعباً، لأن الاتحاد الأوروبي منقسم على نفسه وليس له استراتيجية موحدة بشأن قضية اللاجئين. ولهذا السبب، تحاول موغيريني تحويل تركيز القمة من الهجرة إلى التعاون الاقتصادي والتعاون في الحرب ضد الإرهاب، سيما وأن التحديات المشتركة التي تفرضها الديموغرافيا، تدفع الجميع للبحث في القضايا الاقتصادية، حيث أن غالبية السكان العرب دون 30 سنة تعاني أزمة ارتفاع في البطالة ما يدفع الجانبين البحث في مجالات الاستثمارات والتجارة والتكنولوجيا. إضافة الى تحديات مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وتداعيات التغير المناخي وطول أمد النزاعات المسلحة في جنوب شرقي المتوسط".

من جهته، أعرب الأمين العام المساعد لشؤون السياسية الدولية بجامعة الدول العربية السفير خالد الهباس، عن تطلع الجامعة العربية في أن تشكل القمة العربية الأوربية، انطلاقة جديدة لتعزيز التعاون العربي الأوربي في ظل الروابط الجغرافية والقواسم المشتركة والمصالح المتبادلة لمواجهة كافة التحديات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وقال الهباس "نتطلع أن تكون قمة ناجحة تركز على مناقشة التحديات التي تواجه الاستقرار الإقليمي، ومحاولة صياغة توافقات ورؤى مشتركة حول هذه التحديات"، مشيراً إلى وجود تحديات كبيرة على الساحتين الإقليمية والدولية منها قضية الهجرة والإرهاب التي تهم الجانبين العربي والأوربي.

وبشأن القضايا السياسية التي يركز عليها الجانب العربي ويوجد بشأنها توافق مع الجانب الأوروبي، أوضح الهباس أن الموضوعات كافة التي تهم المنطقتين العربية والأوروبية مطروحة لتبادل وجهات النظر حولها. وقال الهباس: "ان القمة العربية الأوروبية ليست موجهة ضد أي طرف في المنطقة أو خارجها"، في إشارة إلى التساؤلات بشأن اختلاف المقاربات بين الجانبين إزاء الاتفاق النووي المبرم بين إيران وبين مجموعة 5 زائد واحد في سنة 2015 وتطويرها صواريخ بالستية وتدخلاتها في نزاعات المنطقة والذي أعلنت الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب منه فيما ترفض الدول الأوروبية ذلك.

مع أهمية القمة الأوروبية العربية وتطلعات المشاركين فيها للقضايا الاستراتيجية، الاّ أن معظم الباحثين والمراقبين، يرون أن تطلعات القمة ومقرراتها المتوقعة، أكبر من قدرة المجتمعين في شرم الشيخ على تحقيقها، حيث يعاني الهيكلين الأوروبي والعربي من انقسامات داخلية وضغوط إجتماعية واقتصادية حادة، وخلاف على الهوية والحقوق الفردية والنظرة إلى الدين، إضافة إلى أن الأنظمة السياسية المتبعة في الدول العربية لا تتوافق كثيرا والأنظمة الديمقراطية المعتمدة في أوروبا، لناحية وظيفة الدولة ونظرتها للمساواة بين الرجل والمرأة، والعدالة الإجتماعية وحرية الفرد في التعبير.